0 73
كتب: ✍️ د. علي بلدو
.
كان الناس فيما مضى يهرولون خلف بهلول ويرمونه بالحصى بقصد مضايقته وهم يهتفون يا معتوه ؟ فكان يرد عليهم وهو يجري (لو كان هذا عقلكم فهنيئاً لي بجنوني) اليس كلامه صحيحاً ؟ وكما اوقف البعض في المدينة (ابو جوالق) وسألوه استهزاء به (يا ابا جوالق من شجك هذه الشجة) وهم يقصدون معنى دنيئا فرد عليهم بهدوء (شجني اياها من شج أمهاتكم اثنتين) وهذا عين العقل . وكما ظل سعدون المجنون ينام في قبر حفره في بيته وعند الصبح يردد الآية الكريمة (قل ربي ارجعون لعلي أعمل صالحا) ثم يمضي لعمله والذي هو (الجن الكلكي) ذاتو! على ان المدهش هو قصة مجنون بني عامر قيس بن الملوح والذي ظن أهله ان ليلى العامرية قد (كتبته) او عملت ليهو (عمل) أصابه بالجنون وضعف الشبكة ودعاهم هذا لعرضه على احد الدجالين والمشعوذين ، وما اكثرهم لدينا في هذه الايام النحسات ، والذي استعان بآخر كنوع من تبادل الخبرات ، وعمل كونسرتو ، وقال في ذلك: جعلت لعراف اليمامة حكمة وعراف نجد ان هما شفياني فقالا نعم نشفي من الداء كله وقاما مع العواد يبتدراني فما تركا من تميمة ولا رقية الا بها رقياني فقالا والله يا فتى مالنا بما ضمت منك الضلوع يدان وإنا نراك بالغرام لمولع وإنا نراك عندهن لفاني يعني ان الموضوع كان ريدة ولم يكن جناً ! و يا ليت النيسابوري كان بيننا الان ليرى من هم العقلاء ومن هم المجانين حقا؟ وليقم بجولة في الاستوبات والكوش والصواني ليرى حالة العقل عندنا؟ ولينظر للنيل قربنا ونحن نموت عطشا والارض البكر ممتدة للافق ونحن نستورد الدقيق وها هو مزارعنا بقرب بقرته ولكنه يشرب الحليب المجفف؟ وننصحه بأن لا يستمع او يشاهد التلفزيون الرسمي ماذا والا فانه سيلحق امات طه ولن يجد صينية ليقف عليها ولا مستشفى ليدخلها ولا حتى كوشة للظهيرة والمساء فكل الاماكن مشغولة حالياً. ولن نخبره ان مليون ميل مربع كاملة لم تكفي ثلاثين مليونا فقط من المواطنين ليعيشوا فيها سويا ، فتم الانفصال ووقعت الحرب ، وهل هنالك جنون اكثر من هذا ويا ليت الناس يحيطوا من يكتبون التاريخ ان شعبا كان في ما قبل التاريخ في اوج حضارته وبني بيوتا من الطوب والصخر والمواد الثابته ، قبل ان يرجع القهقري في تاريخه الحديث ويسكن ويعيش ويدرس نصف سكانه ولربما اكثر في بيوت الطين والقش والقماش ، ويتحدثون بعد ذاك عن النخب والافندية والخريجين والمثقفاتية وغيرها من الفرمالات والتابوهات التي تنؤ بحملها بلاد الفشل والحمقي والفاشلين هل لا زلنا نعتقد بان تاريخنا المزور ، الذي بين ايدينا هو عين الحقيقة؟ هل من العقل ان يقود الطائفيون ثوراتنا ليعودوا بنا لزمن الظلام و انصاف الالهة والرجعية ، ونحن نصفق ونهتف ، ونري الجميع يتفاوضون اليوم ويوقعون غدا ثم يحتفلون بعد غد ، ليتم نقض كل ذلك بعد اسبوع ، ونراهم بحلفون ويغلظون الايمان ويحنثون بكل قوة عين ، بل ونغني ونطرب : وما طربي لما رايتك بدعة لقد كنت ارجو ان اراك فاطرب . وفي طل واقعنا المعاش وازماتنا المتكررة والفشل المتوالي ، فقد ان الاوان لاعادة تعريف الحمق والعوارة والجنون ، واعادة فرز الكيمان ومعرفة من ضيع السودان في ماضيه مو من سيطيح ايضا بمستقبله، ونتلو عليكم بعدها بعضا من اخبارهم ، اليس كذلك يا عقلاء وحكماء السودان؟ .
0 73