السودان نت ــ وكالآت
من السعودية إلى تونس المنتخبان اللذان حققا انتصارين مدويين في دور مجموعات مونديال قطر على أرجنتين البطل ليونيل ميسي وفرنسا حاملة اللقب تواليا، مرورا بالمغرب الذي كتب التاريخ عبر إنجاز فريد كأول منتخب أفريقي وعربي يصل إلى نصف النهائي، إنه مشوار لم يأتِ بمحض الصدفة، وإنما بفضل نجوم سخروا جهودهم ومهاراتهم ليتركوا بصمتهم في نهائيات النسخة الثانية والعشرين لبطولة كأس العالم لكرة القدم.
عندما نتحدثعن الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب المغربي في مشواره الرائع خلال بطولة كأس العالم الأخيرة لا يمكن لأحد أن ينكر دور سفيان أمرابط الرئيسي في قيادة المغرب إلى الإنجاز التاريخي.
فعندما ركض أمرابط من منتصف الملعب ليلحق بأسرع لاعب في العالم الفرنسي كيليان مبابي خلال مباراة نصف النهائي ليصل إليه ويفتك الكرة منه، لم يركض بقدميه فحسب بل ركض بقلب شجاع محاولا الحفاظ على القصة التاريخية التي كان منتخب “أسود الأطلس” بصدد كتابتها في هذا المونديال.
بالفعل، في النهاية خسر المنتخب المغربي المباراة صفر-2 لكن كسب أمرابط مكانة بين أفضل لاعبي خط الوسط في هذه النهائيات.
فمنذ بداية العرس الكروي العالمي، لم يترك أمرابط مكاناً في الملعب إلا وكان موجودا فيه. فقد ساند الدفاع كثيرا وقطع وانتزع الكرات من لاعبي المنتخبات المنافسة و”نظف” المنطقة أمام رباعي خط الدفاع وشكل حلقة وصل بين الدفاع والهجوم وأكد حضوره في الهجوم بمنح زملائه كرات متقنة لتسجيل الأهداف.
وقد زاد تألقه المستمر من اهتمام كبار الأندية في القارة العجوز بخدماته، وأبرزها ليفربول الإنكليزي وفق تقارير صحافية.
وكان أمرابط قد لعب المباراة “الملحمية” في ثمن النهائي ضد إسبانيا “بحقنة مسكنة لآلام في الظهر أبقته مستيقظا إلى غاية الساعة الثالثة صباحا ليلة المباراة”. وعلق قائلا “لا يمكنني التخلي عن اللاعبين وبلدي”.
أوناحي، “طريقة لعب مدهشة.. لم يتوقف عن الركض”
ما لا يختلف عليه اثنان هو أن أشرف حكيمي وحكيم زياش هما مركز الثقل في المغرب نظراً لمكانتهما الأوروبية، لكن المونديال القطري سلط الضوء أيضا على نجم مغربي آخر إلى جانب أمرابط وهو عز الدين أوناحي، هذا “المنتوج المحلي بمؤهلات عالمية” بحسب وصف لمدربه وليد الركراكي.
وكان للاعب أنجيه الفرنسي دورا حيويا في المشوار التاريخي للمغرب، لكن عكس غالبية لاعبي المنتخب المغربي، تكون ابن الـ22 عاما كرويا في أكاديمية محمد السادس المحلية و”هذا فخر كبير بالنسبة لكرة القدم المغربية ورد على مروجي فكرة أن لاعبي المغرب يبرزون بفضل تكوينهم في المدارس الأوروبية”، وفق الركراكي.
وقد تلقى أوناحي إشادة واسعة ومن كل حدب وصوب، وكان أبرزها من مدرب إسبانيا لويس إنريكي الذي أبدى فريقه السابق برشلونة اهتمامه بالتعاقد مع الواعد المغربي وفق صحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية. وقال إنريكي الذي أقيل من منصبه مباشرة عقب الإقصاء، إن أكثر لاعب أعجبه هو “اللاعب رقم 8 لعب بطريقة مدهشة ولم يتوقف عن الركض”، مضيفاً أنه تحدث مع طاقمه الفني بشأنه وتفاجأ بمستواه.
كنو، شعلة سعودية في بداية تاريخية انتهت بخيبة
من جهته، كاد حلم محمد كنو بالتواجد في كأس العالم للمرة الثانية أن ينتهي بسبب الصراع عليه من قبل الهلال والنصر الذي نجح في الحصول على توقيعه في صفقة مدوية، لكن سرعان ما تمكن الأول من إقناعه بتجديد عقده، ليقع اللاعب تحت طائلة عقوبات تأديبية. وتم توقيفه 4 أشهر وتغريمه 12 مليون ريال وإلزامه برد مبلغ 27 مليون ريال للنصر…
ورغم الإيقاف الذي تعرض له كنو إلا أنه احتفظ بمستواه المعروف عنه، ولم يتأثر بالحالة الجدلية التي رافقته في فترة الصيف، فبدأ مونديال قطر بصاعقة ساهم في صناعتها على حساب ليونيل ميسي ورفاقه في المنتخب الأرجنتيني الذي فاز عليه (2-1).
وقدم لاعب الوسط السعودي البالغ 28 عاما أوراق اعتماده كأحد أفضل لاعبي المحور في قطر، ولفت الأنظار إليه بعد المستوى المميز الذي قدمه رفقة “الأخضر” أمام الأرجنتين وبولندا في أول مباراتين في المونديال.
كما حظي محمد كنو أيضا بثناء كبير من قبل الجماهير السعودية والعربية، أو من الصحف الأجنبية، بعد الدور البارز الذي لعبه أمام الأرجنتين (2-1) ونجاحه في قيادة خط الوسط السعودي سواء على مستوى الدفاع أو الهجوم.
لكن مغامرة هذا اللاعب الذي يبلغ طوله (1.92 م) والذي يمتلك مهارات عالية، جعلت المدرب الفرنسي هيرفيه رونار يعتمد عليه كأحد العناصر الأساسية في كتيبة الصقور الخضر، التي انتهى مشوارها على يد المكسيك بهزيمة ثانية عند الدور الأول.
العيدوني، نقطة مشرقة في مشوار تونسي محبط
وكان الدور الأول محطة النهاية أيضا لمشوار تونس، لكن “نسور قرطاج” رفضوا توديع قطر من دون نتيجة تاريخية، وحققوها في الجولة الأخيرة على حساب فرنسا حاملة اللقب (1-صفر).
وقد تضاءلت حظوظ تونس في التأهل منذ الجولة الثانية إثر خسارتها أمام أستراليا صفر-1 وبعد تعادل افتتاحي واعد أمام الدانمارك صفر-صفر، لكنها قدمت لاعبا مقاتلا في شخص عيسى العيدوني الفخور بجذوره الجزائرية وفي الوقت ذاته بانتمائه إلى المنتخب التونسي.
وقال أثناء تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2021 “تلقيت اتصالات من الاتحاد التونسي لكن أتمنى أن ألعب للجزائر”.
وأبدت الجماهير الجزائرية امتعاضها من إضاعة فرصة الاستفادة من جهود لاعب خط الوسط صاحب مواصفات يفتقر لها المنتخب خصوصا بعد اعتزال عدلان قديورة.
فقد تعالت الأصوات من الجزائر منتقدة عدم ضم نجم فيرينتسفاروش المجري إلى صفوف منتخب “محاربي الصحراء”، فيما أشادت الصحف التونسية بأداء العيدوني بفضل اعتراضاته للكرة وتحركاته وتوجيهه لرفاقه داخل المستطيل الأخضر في الجولة الأولى ما سمح له بنيل جائزة لاعب المباراة.
وصرح ابن الـ26 عاما بعد مباراة الدانمارك “أنا سعيد بمشاركتي في كأس العالم ولكن الأهم هي النتيجة الجيدة التي حققها المنتخب وبعد ذلك تأتي جائزة أفضل لاعب…”.
وكان العيدوني قد استهل حلم المشاركة في العرس الكروي العالمي بألوان تونس بعدما لعب دورا هاما في التأهل، ليرد الثقة التي وضعها فيه المدرب منذر الكبيِّر وبعده جلال القادري، إذ وصفه المراقبون بـ”الرجل الحديد” الذي لا يتعب.
وللتذكير، ولد العيدوني من أب جزائري وأم تونسية فتعلق بالبلدين وارتبط بهما، وبعدما انتظر فرصة صريحة للانضمام إلى “محاربي الصحراء” أتته من “نسور قرطاج” في 19 آذار/مارس 2021، ليشارك في أول مباراة دولية في 25 من الشهر نفسه في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2021 ضد ليبيا.