1. انطوت صفحة العام 2022م بعد أحداث عاصفة عاشها السودان تحت ظل الانقلاب العسكري الدموي الذي تدهورت فيه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية ، بالسير في سياسات النظام البائد القمعية والتحرير الاقتصادي والتبعية للخارج ، فقد شهد هذا العام قمعا وحشيا ونهبا غير مسبوق لثروات البلاد ومزيدا من الافقار لشعبنا ، والتفريط في السيادة الوطنية واستقلال البلاد جراء التدخل الكثيف للمحاور الاقليمية والدولية في الشؤون الداخلية وعدم احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه ، فماهي تفاصيل ابرز معالم تلك الأحداث؟.
2 . رغم توقيع الاتفاق الإطارى الذي اصبح حبرا علي ورق ، وشكك في التزام العسكر في تنفيذه حتى الذين وقعوا عليه فضلا عن تفاقم الصراع الداخلي في أحزاب قوى الحرية والتغيير حوله ، فقد شهد هذا العام قمعا وحشيا للمواكب السلمية التي دعت لها لجان المقاومة والقوى السياسية والمطلبية والنقابية والمطلبية ، مما أدي لمقتل (122) شهيدا ، وأكثر من (8 الف) اصابة ، واعتقال المئات مع التعذيب الوحشي للمعتقلين بعد عودة بيوت الأشباح سيئة السمعة ، وحالات الاغتصاب ، واغلاق الكبارى وقطع خدمة الانترنت والاتصالات واغلاق الشوارع الرئيسية المؤدية للقيادة العامة والقصر الرئاسي . تم القمع الوحشي باستخدام الغاز المسيل للدموع ، القنابل الصوتية، الرصاص الحي والمطاطي ، الدهس بالمدرعات القذف بمدافع “الاوبلن” المعبأة بالحجارة والزجاج المكسور المحرمة دوليا ، وتوجيه عبوات البمبان الي أجساد المتظاهرين. استمر القمع الوحشي للمليونيات ، وآخرها ا لمليونية 29 ديسمبر في العاصمة والأقاليم،و توجهت في الخرطوم الي شارع المطار وتزامنت مع موكب طلاب جامعتى الخرطوم والسودان الذي توجه لإدارة التعليم العالي احتجاجا علي فرض الرسوم الباهطة للتسجيل هذا العام الذي تجاوزت 800%، مما يعني حرمان الفقراء من التعليم ليصبح سلعة للقادرين لا خدمة بدونها لا تنهض البلاد. اضافة لموكب ثوار أم درمان في 30 ديسمبر بمناسبة مرور عام علي المجزرة الفظيعة االتي جرت فيها ، وتوجهت الي البرلمان.
كما اشتد القمع والجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية والتطهير العرقي في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب وغرب كردفان ، وبقية المناطق فحسب احصائية الأمم المتحدة تم مقتل 900 شخص وجرح أكثر من الف شخص ، وتشريد 300 الف شخص جراء العنف منذ بداية عام 2022م ، وآخرها ما حدث في جنوب دارفور وأحداث زالنجي مما أدي لمقتل أكثر من 10 أشخاص ونزوح أكثر من 30 الف شخص ، مما أعاد الي الأذهان أساليب انظام الانقاذ ومليشيات الدعم السريع منذ عام 2003م التي أدت حسب احصائية الأمم المتحدة وقتها الي مقتل 300 ألف شخص ، ونزوح أكثر من مليوني شخص مما أدي ليكون البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجناية الدولية بارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية ، وهي جرائم لن تسقط بالتقادم ، ولا بد من المحاسبة وتقديم الجناة الي المحاكمة وأن طال السفر.
هدف القمع الوحشي هو حماية مصالح المحاور الاقليمية والدولية المتشابكة مع مصالح شركات الدعم السريع والجيش والرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي نهبت مليارات الدولارات وهربتها للخارج من عائدات الذهب والمحاصيل النقدية والتثروة الحيوانية وغيرها ، والابادة الجماعية لنهب الأراضي والموارد بتهجير السكان الأصليين واحلال المستوطنين الأجانب محل أراضيهم ، ولجلب الشركات العاملة في التعدين لنهب ثروات الذهب وغيره من المعادن ، اضافة للتفريط في التوقيع علي عقود الميناء “عمائم” علي البحر الأحمر ، ومشروع الهواد الزراعي وخط سكة حديد بورتسودان – أدرى بتشاد . الخ بنفريط في سيادة البلاد وفساد وعدم شفافية ، وفي غياب الحكومة الشرعية والبرلمان المنتخب.
3. واصلت السلطة الانقلابية في سياسة التحرير الاقتصادي كما في رفع الدعم عن الوقود الكهرباء والتعليم والدواء ، والمزيد من فرض الضرائب والجبايات لا لخدمة المواطنين بل لتمويل القمع الوحشي للمواكب السلمية ، ولدعم اتفاق جوبا الذي فشل في تحقيق السلام في دارفور والمنطقتين وتحول الي مناصب ، ولم يخاطب ويحل فضايا اصحاب المصلحة في معسكرات النازحين وجماهير المنطقتين. اضافة لتسليع التعليم العالي ، ورفع الدولة يدها منه ، حتى مرتبات الأساتذة اصبحت بالكاد ، واصبح العمل في الجامعات طاردا ، كما جاء في بيان الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم الذي أشار الي تخفيض الموازنة من 225 مليون دولار عام 2007م الي 50 مليون دولار في العام 2022م!!.
كما اشارت الامدادات الطبية للنقص المريع في أدوية أمراض الكلى والأورام والقلب، اضافة لضعف التمويل للمزارعين وفرض الضرائب الباهظة عليهم ، وارتفاع مدخلات الإنتاج وتكاليف الوقود واالكهرباء مما هدد الموسم الزراعي ، وأدي لشبح المجاعة الذي يهدد حوالي 15 مليون. اضافة لاتساع اضرابات العاملين من أجل رفع الأجور وتعديل الهيكل الراتبي كما في اضراب المعلمين ، والعاملين في ديوان الضرائب ، ووزارة الصناعة ، والعاملين في المهن الصحية.الخ
من جانب آخر تستمر سياسات النظام البائد كما في ميزانية الأمن والدفاع التي تصل الي أكثر من 70% لتمويل القمع الوحشي للمواكب السلمية ، اضافة لاستحواذ شركات الجيش والدعم السريع والشرطة والأمن علي 82% من موارد الدولة ، وصرف الدولة مرتبات الدعم السريع ، وتمويل جيوش اتفاق جوبا ، ، وتبقي النسبة الضئيلة المتبقية للصرف علي التنمية والتعليم العام والعالي والبحث العلمي والصحة والدواء.
3. كما واصلت السلطة الانقلابية في سياسة نظام الانقاذ في ابرام الاتفاقات الجزئية في السلام التي تتحول لمناصب ومنافع وفساد للقيادات الموقعة عليه مع تجاهل جماهير مناطقهم ونهب الأموال التي خُصصت لهم مثل : اتفاق السلام من الداخل واتفاق نيفاشا الذي أدي لفصل الجنوب ، واتفاق ابوجا ، الدوحة ، والشرق. وجاء اتفاق جوبا علي خطى تلك الاتفاقات الذي بعد مرور أكثر من عامين عليه ، لم يُنفذ فيه شئ غير المناصب السيادية والوزارية ، وتحول لمكاسب ومنافع شخصية لقادته ، ورفضته جماهير دارفوروالمنطقتين ، ولم يوقف الحرب بهما التي ازدادت وتوسعت ، وشارك قادته الذين جاءت بهم الثورة في انقلاب 25 أكتوبر ، وخانوا الثورة وجماهير مناطقهم ، مما يتطلب الغاء هذا الاتفاق والتوجه للحل الشامل والعادل وتلبية حاجات الجماهير هناك من تعليم وصحة وأمن وتنمية وعودة النازحين الي قراهم وتعميرها، وعودة المستوطنين الجدد الي بلادهم ، والترتيبات الأمنية لجمع السلاح وحل مليشيات الدعم السريع وجيوش الحركات ومليشيات الكيزان وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وضم شركات الجيش والأمن والدعم السريع والأمن والشرطة للاية وزارة المالية ، وتقديم المجرمين للمحاكمات ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية.
4. ليكن العام الجديد عاما للانتصار بالمزيد من التنظيم والتنسيق بين فصائل الثورة ، وتكثيف ومواصلة المقاومة الجماهيرية المتنامية للانقلاب، وتوحيد كل القوى السياسية والنقابية والمطلبية الراقضة للتسوية ، ومواصلة المعركة بمختلف الأشكال حتى الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، ووضع حد للانقلابات العسكرية ، وتحقيق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.