الى بركة ساكن مع التحية:

0 82
كتب: يدجوك آقويت
>
تفادياً لمناقشة البديهيات و الإنحراف بالحوار لاتجاه مختلف، لنتفق أن الرواية كعمل إختلاقي fictional work تتعدى الإلتزام بالواقع الفعلي (أحياناً) لتنتصر للأخيلة، وهي الاخرى، تتغذى على الواقع بالضرورة. الجدل لا يدور حول إلتزام الروائي بالواقع من عدمه (هذا أمر محسوم بالضرورة)، بل حول إرتكاب أخطاء ساذجة، وتبريرها بإنطلاق العمل الراوئي من الخيال.
تتمحور ملاحظاتي(نا) حول الركون للتنميط وممارسة الكسل فيما يتعلق بالجنوب في الرواية السودانية، بسبب (عدم المعرفة)، او سقوط في فخ التنميط الفج وإجترار التصورات المعادة عن الجنوب وانسانها و تثبيتها enforcing روائيا. أخطاء حمور مثلاً في شوق الدوريش توضح جهل (متوقع) بالجنوب، لانه عمد لاستخدام الأسماء والمدن كيف ما ينبغي. نجد نفس الأمر في رواية إبراهيم إسحق. فهو لم يبتدع لغة جديدة (كما قد يحاجج مجموعة من يؤمنون أن الرواية عمل خيالي)، بل كتب ما يفترض إنها مفردات من لغة الشلك بطريقة خاطئة، وهذه نتيجة مباشرة للإهمال (في أفضل الأحوال)، والاستهتار في اسوأ الأحوال.
نجد توظيف فني بديع في التسمية في روايتك (مسيح دارفور) مثلاً، وهي مبررة فنياً، بل واضفت بعد غريب للنص. هل لاحظت إني لم أعلق عليها؟ نعم، ولن افعل، لانها مبررة إبداعيا. لذا لتفادي التحاور عن أمرين مختلفين، لنوضح الفكرة مرة أخرى.
الكاتب السوداني كسول (طوعاً) في ما يتعلق بالجنوب في الكتابة الإبداعية، والأدب ليس بريئا بالطبع، بل ويتغذى على السرديات السائدة أو يعاندها. بمتابعة (التنميطات)، والتنميط ببساطة هو الافتراض أن مجموعة ما تشارك صفات محددة بطبيعتهم، أنت تعيد ببساطة السائد (في قالب روائي) الأبنوس والباباي والبشر ذوي القامة الداكنة والطول الفارع وغيرها من الاكليشيهات السودانية الأدبية عن الجنوب، بلا أي فرادة او تميُز.
عزيزي بركة، البحث والتقصي قبل الكتابة شرط في الرواية الحديثة، بغض النظر عن كيف ستُوظف نتائج البحث (هذا ما يفعله كتاب في قامة امبرتو ايكو مثلاً)، و بالطبع بحثت قبل كتابة كل رواياتك ولم تدونهم بوحي كجوري، حتى القراءة العادية تعد بحث أيضاً.
للاسف، كل المكتوب عن الجنوب في الرواية السودانية حتى الآن لا تختلف عن دهشة أوربا بأفريقيا (البدائية) في رواياتها المستندة على عصاة we know دون بحث ومعرفة كافية.
مرة أخرى، الروائي غير ملزم بوقائع الأشياء، نعم، لكنه ملزم بالبحث عن موضوع الكتابة إن كان يسعى لتفادي التنميط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.