وذو الريالة بالجهالة ينعم

0 72
كتب: جعفر عباس 
.
ذات مساء، صاح ولدي: ألحق… في مقابلة مع دينا!! وتطلعت إلى شاشة التلفزيون فإذا بالراقصة دينا ضيفة على قناة لبنانية، فصحت فيه: هذه آخرة تربيتي لك؟ تتفرج على قناة عربية وكمان تدعوني لمتابعة حوار مع راقصة؟ هل ستوفر لي الحماية إذا ضبطتني أمك وانا جالس أمام دينا؟ فضحك وقال: تيك إت إيزي .. قصدي إنك تتابع كلامها وتبقى فرصة لكتابة مقال.
أعجبتني الفكرة وجلست استمع لدينا وهي تزعم أنها حاصلة على الماجستير وفي رواية أخرى الدكتوراه في الفلسفة، في حين أن الحوار يؤكد أنها تحمل دكتوراه في “الإفلاسفه” = “الإفلاس” و “السفه”، وأكثر ما استفزني في ذلك اللقاء هو أن هناك جمهوراً كبيراً من الرجال كان يتابع الحوار، من داخل الستوديو، ويصفق بحماس للدرر التي كانت تتساقط من فم دينا المنبعج، مما يؤكد أن النساء الخليجيات على حق عندما جعلن الكلمة العامية ل “رجل”، رجّال، وقلبوا الجيم ياء فجعلوها “ريال” وجمعها رياييل، وهي كلمة تصلح لوصف الرجال ذوي “الريالة”، الذين تسيل ريالتهم حتى لو شاهدوا أنثى البطريق.
وكانت اللحظة التي ترقبها جمهور البلهاء عندما وقع الاختيار على خمسة شبان على درجة عالية من القيافة والهيافة، للإجابة على السؤال: كم عدد الأفلام التي شاركت فيها دينا؟ وفاز صاحب الإجابة الصحيحة بجوائز مالية كبيرة، وجائزة أخرى لا تقدر بثمن وهي “قضاء ساعة في صحبة دينا”. كيف؟ أي دونت نو!! (كتبت كثيرا عن جرأة المطربة التونسية لطيفة التي أعلنت على المكشوف في إحدى أغنياتها: حبك هادي، وأنا مليت الحب العادي!! واللبيب يفهم!! وأنا مش لبيب ولا أفهم ماذا تقصد بالحب فوق العادة!).
ظلت دينا في دائرة الضوء التلفزيونية طوال ساعة كاملة محاطة بعشرات من ذوي الريالة البلهاء، تحكي جوانب من سيرتها “العطرة”، وكم أسعدني أنها نفت الشائعات التي قالت إنها واصلت الرقص في الكباريهات بعد ثلاثة أيام فقط من وفاة زوجها، فقد أعلنت بحزم أنها مكثت في البيت بعد وفاته، “عشرين يوما”. ويا لها من تضحية جسيمة، وعن تجاربها العاطفية قالت إنها أحبت ابن الجيران وعمرها 16 سنة، ولكنه مات، وبعدها بسنوات تزوجت بمخرج سينمائي، ولكنه مات، وعلى من يجد في نفسه الشجاعة أن يتقدم لطلب يدها، والأعمار بيد الله، لا بيدها!! مع الأخذ في الاعتبار تصريحها بأن علاقتها بأم زوجها كانت سيئة “لأنها كانت تحب ابنها الراحل كثيراً”، يعني المطلوب منك إذا رغبت في الزواج بدينا أن تقطع علاقتك بأمك وتتحول إلى ما نسميه في السودان قُفَّة.
(سأل مقدم البرنامج التلفزيوني الراقصة فيفي عبده: لو طلبوا منك ان تلتقطي صورة سيلفي، مع أحدهم فمن ستختارين ليقف جنبك؟ فقالت بعد تفكير عميق: ربنا!! أيوه قالت إنها تختار الله جل شأنه لتلتقط معه صورة، ونسأل الله ألا يؤاخذنا بما يفعل ويقول سفهاؤنا).
لست ضد البرامج التلفزيونية الترفيهية، بل أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد منها لأنها تزيل صدأ النفوس إذا كانت راقية ونظيفة، ولكنني ضد استضافة شخصيات تافهة لنتكلم عن حياتها البائسة، والرقص الشرقي تعبير رأسي عن رغبات أفقية، والأمور في كل الدول العربية ما بين زفت و”أزفت”، وكاميرات التلفزة مشغولة بدينا وهي تزلزل كياننا الثقافي الهش وقيم شبابنا الرخو، ويا ليتها “تستاهل”! وجهها مصفرّ كئيب ودمها أثقل من دم فلادمير بوتين، وفمها يشبه شريحة خيار مخللة انتهى عمرها الافتراضي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.