والوطن؟ فكرة أم حالة من الشجن؟!
كتب: فايز السليك
فيما هتف سعيد .. تحيا اللبرالية !. يحيا البرلمان !. وهتافه قاده الى الوقوف فى الصف إنتظاراً للإنضمام إلى قوافل النزوح الجماعى، دارت دورة الايام واسرج خيله للمضى مع تلك القوافل القاصدة مرافئ بعيدة آخر الأصقاع والمنافى والفراديس الموعودة، يمنى نفسه كما الآخرين بتحقيق جزءٍ من أحلام وتطلعات لوجود إنسانى . ليس مهماً له نوع العمل الذى يعمل، ولا البلاد التي إليها يسافر، ولا الناس الذين معهم يعيش، لكن المهم عنده؛ الهروب، إلى أي مكان ما فوق الكرة الأرضية، أو حتى في السماوات الرحبة، فهنا الضيق والعبث، والهم والأذى، ربما هو سيصبح كالآخرين؛ بحثاً عن طوق النجاة و جاذبية الرنين المفقود.. هل كان سعيد محقاً فى قرار الهجرة ؟.
– هل ستنسى بلدك يا سعيد ؟.
– وماذا أعطانى حتى أتذكره ؟.
– الإنتماء .
– ما كان باختيارى.فلو ولدت فى الصين لكنت صينياً؛ او كولومبياً لو كنت مولوداً فى كولومبيا.
– والوطن ؟.
– فكرة. أو حالة من الشجن.
– والناس والأرض؟!.
– أى أرض تجد فيها رزقك هى أرضك وأى ناس تحس معهم بانسانيتك هم ناسك.
والوطن هل هو حالة من الشجن ؟. والاغتراب هل هو اغتراب النفس لا الجغرافيا ؟. كان سعيد كما نحن يعانى من الغربة النفسية. كان يردد ان هنا تموت بذرة الانتماء كلما تراكمت فى الدواخل أحاسيس ثلوج الاغتراب. وهناك فى البعيد تتقد جذوة الحنين تؤسس منارةً فى الذهن لفكرة جميلة اسمها الوطن، وربما كان ذاك الشاعر الكبير محقاً، وهو يقول الطريق إلى البيت أجمل من البيت، فهناك ستكون حالة الحنين، ونوستالجيا لا يمكنك إحساسها؛ وأنت وسط فوضى من الحواس، واضطرابات المفاهيم، وكثرة الشعارات، حقاً الطريق إلى البيت جميل، فهو يحمل إحساس العودة، وإحساس مقابلة من ينتظرونك في زوايا الانتظار، إلا أن الوصول هو نهاية رحلة، أو نهاية حلم جميل، وربما تكون المفاجأة هي فتور حنين المنتظرين، أو في أن البيت ليس هو البيت، وأن الأحلام ليست هاتيك الأحلام.
مراكب الخوف