بقلم : لبني احمد حسين
اذا كان بياض الدقيق هو سبب تهريبه، لماذا لا تدعم الدولة الدقيق الاسمر ابو ردّة غير المقشور ؟ بمعني ان يُدْعم الرغيف الاسمر، بينما يُتْرك الدقيق الابيض و خبزه ليباع تجارياً بلا دعم؟..
يستورد السودان سنوياً ما يزيد عن المليوني طن من القمح و ينتج محلياً حوالي عُشْر الكمية .. يأت القمح المستورد بالبواخر عبر ميناء السودان الرئيسي بورتسودان.. ثم ينقل بالشاحنات الى الخرطوم حيث المطاحن الرئيسية سين ، سيقا، ويتا . ثم بعد الطحن و الغربلة يعاد التوزيع .. تأخذ الخرطوم حوالي النصف الا قليلاً بينما يعاد شحن و ترحيل النصف الآخر لبقية الولايات و من بينها بعض مدن عبرتها الشاحنات في الرحلة الاولي ابتداءاً.. و ليهدر الوقود جيئة و ذهاباً.
السؤال هو هل نحن بُلداء ؟ هل هناك ضرورة قصوى و نحن في هذا الظرف و الضائقة و الصفوف ان نأكل الخبز ابيضاً ناصع البياض؟ لست بصفاقة وزير المالية الاسبق على محمود الذي دعا الشعب الي التقشف بينما قشط هو كما حكومته دماء الشعب السوداني و استملك القصور.. غير انني اقدم حيثيات :
لماذا لا تتسلم كل مدينة او قرية نصيبها من القمح المدعوم ناشف ، اي غير مقشور و لا مطحون؟ سيوفر ذلك وقود الشاحنات المهدر جيئة وذهاباً، هذا اولاً.. ثانياً توزيع القمح الناشف للمحليات ليتم طحنه بقشرته الخارجية بالمطاحن العادية مع غربلة متوسطه سيساهم في انعاش المطاحن المتوقفة المتناثرة في كل انحاء السودان. وثالثاً يسهم في ايجاد فرص عمل في اماكن متعددة من السودان.. لا تقل لي ان الدقيق غير المُغرْبل لا يصلح لصنع الخبز، او انه لا يناسب المخابز الآلية ..الدقيق غير منزوع الردة يصنع منه من رغيف التوست للبيتي فور في كل الدول الاوربية..
هذا بجانب الفوائد المعروفة للقمح غير المقشور، كونه صِحِيّ و مُوصَى به طبياً لكثير من الامراض، رابعاً. أما السبب الأهم، فهو محاربة التهريب، حيث من اهم اسباب تسرُّب الدقيق المدعوم الي السوق الاسود او خارج البلاد هو بياضه و غربلته الفائقة ، يوفر ذلك المادة المناسبة لصنع الباسطة و الحلويات و الخبيز بينما لا يغري دقيق القمح غير المقشور لذلك. تتسلم المخابز جوال الدقيق المدعوم ب550 جنيه سوداني بينما يباع في الاسواق ب2300 جنية و يتجاوز الفرق ثلاثة اضعاف.. فرق السعر بين الدقيق المدعوم و التجاري للدقيق الابيض هو ما يغري للتهريب.
لماذا لا تفتح الدولة عطاءات لاستيراد قمح بسعر مدعوم و تدفع به لمئات المطاحن التقليدية حسب التوزيع الجغرافي و حاجة القرى و المدن؟ .. و بدل ان تتولي لجان المقاومة رقابة المخابز و اعدادها بالالاف، تتولي رقابة المطاحن و اعدادها بالعشرات او المئات حول السودان ؟
لك ان تسأل .. و بعض الاجابة تعرفها اذا عرفت أن الدقيق الاسمر، اي غير المقشور من شأنه أن يُخْرِج الشركات و المطاحن الكبري المذكورة سابقاً من المنافسة ، لذلك ربما هم من يقفون ضده فلا يُخْفى على احد ان من يملك سين هو نسيب البشير طارق سر الختم و القوات المسلحة و الدعم السريع .. تلك الشركات هي من تطحن الدقيق فائق الغربلة .. بينما أي طاحونة بطرف الحي يمكن ان تعطي الدقيق الاسمر كناتج للطحن..
في الخامس و العشرين من هذا الشهر سينتهي اتفاق توزيع دقيق الخبز المدعوم بين وزارة المالية و المطاحن باجمالي مائة الف جوال يومياً 47 الف للخرطوم و 53 للولايات. نصيب سين للغلال منها توزيع 46 الف جوال دقيق يوميا 26 الف للخرطوم و 20 للولايات.. سيقا 24 الف نصها للعاصمة و نصفها للولايات.. بينما تنتج ويتا 16 الف منها 10 الف للخرطوم و 6 للولايات بالاضافة الى مطاحن اخرى انتاجها اقل من 10 الف جوال يومياً. . اتمنى ان لا يُجدّد هذا العقد ، بل يُوزّع القمح المدعوم للمحليات مباشرة تدفع به للمطاحن او طواحين الحيّ او يُوزع للاسر كتموين .. الناس حرة سواء ارادت سحن القمح بمحراكة او شده كبليلة .. فقط ليخرج الجيش و الدعم السريع من معاش الناس.. ليهتموا بتصنيع الاسلحة و الذخائر .. ألم يقولوا ما للعسكر للعسكر و ما للمدنيين للمدنيين ؟ ام ان الخبز رصاص؟
هل من مُثنِّي؟
متع الله والدتي بالصحة والعافية ، فحين اتصلت بها للسؤال عن حالهم مع الصفوف كان ردها انها لم تقف في صفوف الخبز و لم ترسل اخي انما ذهبت الي طاحونة الحيّ و طحنت قمح و ذرة تصنع منهما قراصة سمراء وكسرة و لقمة بيضاء تسر الناظرين..
..
يسمح باعادة النشر الكترونياً أو ورقياً شرط عدم الحذف الا لغوياً مع الاشارة للمصدر https://www.facebook.com/Lubna.Ahmed