سلام التعايشي والكباشي!
بقلم : عبد الله الشيخ
خط استواء
إذا كان السيدان – التعايشي والكباشي – لم يتفقا في ما بينهما على (ملف تعيين الولاة) ولم يوقعا للتفاوض مع الحركة الشعبية على وثيقة (إعلان المبادئ)، فمع من تفاهمَ وفد الحكومة على (80) في المائة من إشكاليات الحرب والتهميش في هذه البلاد؟
صبيحة هذا اليوم من المفترض أن يعود الكباشي والتعايشي إلى مائدة التفاوض، بعد أن يكونا قد تراجعا عن مفهومية (الدولة المحايدة تجاه جميع الأديان)، تلك المفهومية التي قوّضت جهود الوساطة، إذ لا بديل لعلمانية الدولة إلا علمانية الدولة هكذا يقول الطرف الآخر، ويقول كل من يؤمن بالسودان الجديد، وإلا فإن على الكباشي والتعايشي ومن شايعهما أن يستفردا بما تبقى من السودان، فهذه القضية المفصلية – علمانية الدولة – ليست هي كل ما تبقى.. ليست هي العشرون بالمائة مما يجب الاتفاق حوله.
هل تُخفى الحقيقة على أهل السودان إذا كان التعايشي والكباشي رئيسا وفد التفاوض في جوبا، يحاولان مرة بعد أخرى (تغطية النار بالعَويش)؟
إن التعايشي والكباشي لن يأتيا بالسلام، لأن هذين (الثوريين) على وجه التحديد، لن يوقعان على وثيقة تحرير السودان من بوائق الدولة الدينية، لأن تلك الدولة تسكن في أعماقهما.. تلك حقيقة أكثر وضوحاً من أحلام الهبوط الناعم عند دعاة الانتخابات المبكرة!
يظن التعايشي والكباشي أنهما قادران على إقناع حملة السلاح بوأد أحلامهم في سودان يسع الجميع، وغالباً ما يتعللان برفض علمانية الدولة، باعتبار أن هذه القضية (الحساسة) يفترض حسمها في البرلمان المنتخب!
تلك هي (الأوانطة) التي لا تخفى على دعاة السودان الجديد، فقد تقبّل السيدان إبطال مفعول الشرعية الثورية مقابل أن يكون مجلسا السيادة والوزراء هما السلطة التشريعية!
إن كان هذان السيدان مفوضين للإتيان بالسلام، فعليهما أن يبادرا ومن الخرطوم.. بخطوة سهلة يأخذها الطرف الآخر كإعلان حسن نوايا.. خطوة سهلة هي إلغاء قوانين سبتمبر (83).. أنتم تقولون إنها قوانين قديمة وغير سارية المفعول.. حسناً جداً.. أنتم أولى بلحم ثوركم هذا.. أذبحوه كرامة وتمسحوا ببركاته إن شئتم، أو خذوا خياراً آخر لإبراز حسن النوايا طالما أنكم فشلتم في محاكمتهم في الداخل، سلموا البشير وطاقمه الإجرامي إلى محكمة لاهاي، شريطة ألا يدخل أي طرف حكومي في تبيان الفروق الابستمية بين المثول والتسليم!
سلموهم (صُرّة في خيت) إن كانت لكم عقيدة حقيقية في التطبيع مع المجتمع الدولي، إذ لا يُعقل أن تفشل حكومة الثورة بعد ستة شهور من تشكيلها، في تقديم مجرمين للعدالة!
إن كانت هناك عقيدة حقيقية في التطبيع مع المجتمع الدولي، فإن أقرب الطرق لذاك الهدف هو احترام قرار الـ(أي سي سي) بالقبض على هؤلاء المجارمة، فهو حكم قضائي صدرَ قبل (12) عاماً.
إن كان السيدان – التعايشي والكباشي – لم يتوصلا مع الحلو وعبد الواحد إلى اتفاق إعلان مبادئ للدخول في عملية التفاوض، هل يعتقدان أن (الكلام السمِح) هو مبتغى من قدموا أرواحهم رخيصة من أجل المستقبل؟