من نحن؟ نحن سودانيون

0 57

كتب: د. إبراهيم الأمين 

.

من نحن ؟ سؤال تكرر كثيراً في المجتمع السوداني لتعدد الإنتماءات عربية وإفريقية وإسلامية. استمرار الجدل حول الهوية يعني مزيد من الأزمات لذلك نحن بحاجة لحسم هذه القضية بالالتزام المطلق وإعطاء الأولوية للهوية الجامعة لكل السودانيين دون تمييز وذلك بالتسامي فوق القبلية والجهوية وتجاوز السقوط في الفلكلورية الذاتية التي تؤدي إلى تمجيد الذات والنرجسية الفارغة ، والتعصب والتطرف والعنصرية، نعم هناك مفهومان للهوية. أحدهما استبعادي بمعنى الإختلاف عن الآخر بهدف الابتعاد عنه أو إستعباده و هذا يعني تكريس مفهوم التفوق سواء كان عرقياً أو ثقافياً و هو لايقف فقط عند عدم قبول الآخر بل التضييق عليه والسعي إلى تهميشه ليصبح مجرد تكملة عدد. بهذا الفهم المتخلف يكون الحديث عن الهوية أداة لنشر الكراهية و الصراعات بدلاً عن التواصل و التسامح و قبول الآخر.

أما المفهوم الثاني فهو مفهوم الهوية التواصلية وهي التي توفر البيئة المناسبة للإستقرارالسياسي ولتماسك المجتمع. نحن اليوم في عصر تغير فيه كل شئ . مفاهيم العلاقة بين الدولة ومواطنيها .. العلاقات الدولية .. وللمجتمع المدني دور في استدامة الديمقراطية وربطها بقضايا الناس والعدالة الاجتماعية وبالتنمية بمفهومها الجديد (التنمية الإنسانية) فالتنمية المعزولة عن سياقها الإنساني والثقافي تنمية بلا روح.

ففي خطاب الأمين العام للأمم المتحدة عام 1992م إشارة إلى هذه المتغيرات إذ قال … لقد آن الأوان لكي نوازن بين إلتزامنا بأمن المكان و المساحة و إلتزامنا الجديد بأمن الإنسان .. بمعنى أن ننتقل من توفير الأمن عن طريق السلاح الى تعزيز الأمن عن طريق التنمية و أضاف أن الأمم المتحدة لن تستطيع بعد الآن ان تحارب معارك الغد بأسلحة الأمن .. فحقوق الإنسان اليوم تعتبر معياراً للسلوك الدولي و هناك أهمية لحماية الكيان المادي و المعنوي للفرد ضد اي تدخل وذلك بتوفير الآتي :

(1) إتاحة الحد الأدنى من الظروف الاجتماعية والاقتصادية للحياة الكريمة.

(2) العدل في التعامل و تكافؤ الفرص والوصول الى الآليات الخاصة بعلاج اوجه الظلم .

الاصلاح الشامل:

لمخاطبة الازمة السودانية وهي أزمة معقدةتحتاج الى حلول جذرية يجب ان يكون الاصلاح شامل، اصلاح سياسي، اقتصادي، ثقافي وحزبي، أهم معالمه إعادة تعريف السياسة بهدف تجاوز السياسة بمفهومها الصراعى (صراع على السلطة) إلى مفهوم اوسع وأكثر ارتباطا بقضايا المجتمع عبر سلسلة من الاصلاحات السياسية والاجتماعية والثقافية والحزبية. بالرجوع الى منصة التأسيس الى الجماهير صاحبة المصلحة فى اعادة هيكلة الدولة… على ان يبدا الاصلاح الشامل فى ظل مشروع وطنى انتقالى الى المربع الجديد بإعادة بناء الدولة ومؤسساتها على اسس جديدة أكثر ارتباطا بقضايا الناس وبالمستقبل، فالعالم اليوم في حالة صراع حاد لا مجال فية للضعفاء، اهم خطوة فى انفاذ مشروع التغير والبناء الإصلاحي، التفكير في اعادة ترتيب هيكلة السلطة بان تعطى الأهمية الكبرى إلى بناء آليات منتخبة ومعبرة عن الجماهير، على أن تبدأ بتكوين مؤسسات قاعدية تفاصيلها كالآتي:

مع إجراء مسح شامل لسكان السودان لمعرفة عددهم ومناطق تواجدهم، على أن يتبع هذا إتباع عدد من الإجراءات المهمة والحاسمة في تحول السلطة من النخب للجماهير.

1- انتخابات على مستوى القاعدة بحيث تبقى السلطة فى الاقاليم و الاطراف فى يد مجالس محلية، و للمجالس المحلية فى السودان تاريخ و قلاع و هى التى ساهمت فى رغاية كل الخدمات من الصحة و التعليم، و فى تطوير الصحة العامة و اليات المشاركة فى الحكم و فى افراز قيادات اكثر ارتباطا بمناطقها و جماهيرها على ان تعطى هذه المجالس صلاحيات اوسع تمكنها من ان تكون لها كلمة فى اختيار مجالس الولايات و هى المستوى الثانى و الوسيط من المجالس التشريعية.

2- فى السودان معظم المواطنين بدون وثائق ثبوتية وهي بلد مفتوحة للأجانب وتستخدم الجنسية السودانية من دول وجماعات في كثير من القضايا غير القانونية وهي التي تسببت في اضرار بالغة الخطورة على السودان وعلى مواطنيه، وتحديد من هو السوداني وهو الذي يحمل وثيقة قانونية تحدد هويته، على ان يقفل الباب امام السماسرة والدول الراغبة في التلاعب بالجنسية السودانية خدمة لمصالحها ومأربها على حساب السودان ومواطنيه.

3- تتم الانتخابات العامة بعد الفترة المقررة وتهيئة المناخ بان تكون انتخابات حره ونزيهة ومعبرة عن كل السودانيين دون تمييز اضافة الى قفل الطريق امام من يريدون التلاعب عبر غياب المعلومات الصحيحة والرقابة الشعبية للوصول الى حكومة تخدم مصالح فئة صغيرة ومصالح من يدعمونها من الباشوات الجدد.

 

حالنا اليوم ينطبق عليه ما ردد على لسان #ناظم_حكمت

(اصبح فى امكانى ان اتأمل

عالمنا بطمأنينة نفس

لم يعد يفاجئني جبن صديق

يغرس خنجره فى ظهرى و هو يصافحنى).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.