المطالبة بوقف الحرب لماذا؟

0 31

كتب: جعفر عباس

.

نعم الكيزان يريدون للحرب الدائرة بين جيشنا الوطني والدعم السريع ان تستمر، حتى يتم تدمير الدعم السريع تماما، فهم يرون ان حميدتي وقواته التي صنعوها، وليس الثورة الشعبية هم من تسببوا في زوال حكمهم، ولكن كثيرين من غير الكيزان أيضا يريدون للحرب ان تستمر، لأنهم يرفضون وجود الدعم السريع كجيش منافس ومناوئ للجيش الوطني، وبالمقابل هناك من يدعون- وأنا منهم- لوقف الحرب فورا، دون ان يعني ذلك أنهم متعاطفون مع الدعم السريع ويريدون له النجاة، فلا أحسب ان عاقلا يمكن ان يرى في وجود الدعم السريع منفعة للوطن، أو يصدق ان قائدها حميدتي يناصر الدولة المدنية الديمقراطية، فما حلت هذه القوات بأرض إلا وسالت فيها الدماء وعم فيها الخراب والدمار.
والوقوف مع القوات المسلحة واجب وطني وأخلاقي، حتى وقيادتها الحالية وعلى رأسها عبد الفتاح البرهان غير جديرة بالثقة تماما، ولكن رفض الحرب الجارية حاليا ينطلق من الحرص على دماء الناس وسلامة الممتلكات ومرافق الدولة، في وقت تسببت فيه الحرب في أقل من أسبوعين، في هلاك المئات من المدنيين والعسكريين وخسائر تربو على عشرين مليار دولار، كل ذلك في بلد شديد الهشاشة وعلى شفا الانهيار حتى بدون حرب.
يخوض جيشنا حروبا ضد حركات متمردة منذ 1955، في الجنوب ودارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ولم يحدث ان حقق في أي منها نصرا حاسما، بل إن الكيزان الذين جعلوا من حرب الجنوب جهادا ضد الكفار، اضطروا في آخر الأمر الى تنصيب قائد الكفار نائبا لرئيسهم عمر البشير، وما زال عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور يسيطران على مناطق لم يستطع الجيش استردادها.
والدعم السريع أقوى من حركات التمرد مجتمعة، لأنه نشأ في كنف الحكومة، بل كان الفتى المدلل للكيزان، ولديه اليوم من القوات ما يوازي عدد قوات الجيش، وسينهزم حتما في معارك العاصمة، ولكنه سينتشر في الأقاليم ويصبح مصدر خطر داهم ودائم، بل فعل ذلك سلفا، وتقول نقابة الأطباء في دارفور ان الدعم السريع هو الذي أشعل الحرب في الجنينة.
باختصار يجب ان تقف الحرب رأفة بالمواطن والأرواح، فقد نزح الى مصر عشرات الآلاف وحاليا هناك 16 الف سوداني في المتمة على الحدود مع إثيوبيا، وهناك أحياء في الخرطوم صارت معظم بيوتها خالية من السكان، والباقون في بيوتهم مهددون في سلامتهم وعافيتهم وبطونهم، وما من حرب إلا وتنتهي بالتفاوض ومن مصلحة بلادنا ان يتفاوض الطرفان المتحاربان بأسرع ما يمكن، ليس لوقف الحرب وحسب، بل للتوصل الى جيش وطني واحد، وإبعاد العسكر عن أمور الحكم والسياسة مما يعني بالضرورة خروج من تسببوا في الأزمة الطاحنة الراهنة: البرهان وآل دقلو وكبار معاونيهم الذين ولغوا في الدم ونهبوا المال العام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.