السودانيون لاجئون في بلدهم

0 51

كتب: طلحة جبريل 

.

توطد تحالف عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة (رئاسة الدولة) ونائبه محمد حمدان دقلو”حميدتي”، وكان من إنجازات هذا التحالف ما يعرف”بمجزرة القيادة العامة “، وتمثلت في الهجوم على ثوار كانوا معتصمين في ساحة توجد أمام مقر القيادة العامة للجيش، للمطالبة بتنفيذ شعار الثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير، ومفاده”حرية ، سلام ، وعدالة، والثورة خيار الشعب” .
كانت تفاصيل المجزرة، مؤلمة ومحزنة، إذ اختار منفذوها ليلة رمضانية قبل يوم واحد من عيد الفطر فض اعتصام الشباب الثائر أمام القيادة العامة، وكان ذلك في الثالث من يونيو 2019، حيث اقتحمت قوات بأمر من المجلس العسكري برئاسة البرهان بالاشتراك مع مليشيات الدعم السريع بقيادة حميدتي ساحة الاعتصام وأطلقت الرصاص لتفريق المعتصمين مما تسبّبَ في مقتل أزيد من 120 شخصاً ومئات الجرحى، وتعرض بعض الذين قتلوا إلى ضرب مبرح حتى الموت.
استغلت القوات التي فضٌت الاعتصام الانفلات بعد تدخلها العنيف ورمت بقرابة خمسين جثة في نهر النيل لإخفاء معالِم المذبحة. تشكلت لجنة للتحقيق في المجزرة وبعد فترة أعلنت تعليق أعمالها بعد استيلاء جهة “أمنية عسكرية”على مقرها بالخرطوم.
استمر تحالف البرهان وحميدتي حتى الانقلاب الثاني الذي نفذه البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر2021،حيث أطاح بالحكومة المدنية التي كان يرأسها عبدالله حمدوك، وأعتقل معظم الوزراء بما فيهم حمدوك الذي أعتقل في مقر البرهان وأدعى أنه فعل ذلك لحمايته. وزعم أن الإطاحة بالحكومة واعتقال الوزراء”خطوة لتصحيح المسار الانتقالي وتجنب الحرب الأهلية”،لكن هذه الحرب اندلعت بعد انقلابه الثالث ضد حليفه ونائبه حميدتي، الذي أصبح من وجهة نظره “متمرداً يقود متمردين”. قبل الإنقلاب الثالث في 15 أبريل الماضي ، كان المشهد كالتالي:
ضغط “الإسلاميون”على البرهان لينفرد بالسلطة تمهيداً لعودتهم، والضغط على حليفه حميدتي لدمج مليشاته في الجيش في غضون سنتين . بالتزامن مع ذلك أعد “تحالف الحرية والتغير” ما عرف بإسم “الإتفاق الإطاري” لعودة الحكم المدني بعد إنقلاب البرهان عليه في أكتوبر 2021، لم يقبل البرهان الاتفق الإطاري إذ لم يكن يرغب يتقاسم سلطاته مع حكومة مدنية، وتصدى له لأن “تحالف الحرية والتغيير” انحسر زخمه، وأصبح أقرب ما يكون على مستوى القيادة مجموعة وصوليين يبحثون عن مواقع.
اتجه التحالف نحو حميدتي لإقناعه بدعم الإتفاق الإطاري والمقابل أن تتبع مليشياته لرئيس الحكومة المدنية وليس لقيادة الجيش، وتلقى إشارة إلى إمكانية أن يصبح رئيساً لمجلس السيادة ، وهي إشارة تلقاها من الخارج كذلك .
هكذا تباعدت مواقف البرهان وحميدتي، ودخلت البلاد دوامة معارك “كسر العظم” التي جعلت السودانيين لاجئين في وطنهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.