الحرب الميتة!

0 43

كتبت: رشا عوض

.

 ان الذين يحاولون التماس مشروعية وطنية للحرب الدائرة في السودان كمن يستميت في إجراء عملية تجميل في وجه انسان انفصل رأسه عن جسده وصعدت روحه إلى بارئها! فما هي قيمة عملية تجميلية كهذه!

هذه الحرب حية ماديا بالقتل والدمار والخراب الشامل وعذابات الابرياء، ولكنها ميتة معنويا بمعنى غياب القيمة الوطنية والمعنى الاخلاقي من أجندة طرفيها!

لذلك نقول لا للحرب! انحيازا لمصلحة الوطن!

لا مصلحة للوطن في عودة الكيزان على ظهر الجيش وتدشين استبداد ارعن على يد النسخة الأكثر انحطاطا من عصابة الكيزان والأكثر استعصاء على الديمقراطية !

ولا مصلحة للوطن في تدشين إمبراطورية الدعامة التي لن تكون سوى استبداد ارعن وفاسد سيغلق اي باب للديمقراطية إذ ان المليشيا العشائرية التي تستولي على مناجم الذهب ولها تاريخ وحاضر حافل بانتهاكات حقوق الإنسان تتعارض طبيعتها البنيوية مع الديمقراطية !

الحياد تجاه طرفي الحرب هو حياد مقدس !

ولا بد من بناء القوة المدنية المنظمة والمسلحة بقدرات العمل السياسي والانساني والدبلوماسي على ارضية هذا الحياد المقدس ومحاصرة طرفي الحرب باجندة الشعب السوداني وعلى رأسها السلام الذي لا سبيل إليه سوى التحول الديمقراطي وخروج العسكر من معادلة الحكم وفق خارطة طريق ناتجة عن عملية تفاوضية!

ما نفعله الان هو خنق الحرب بحجب المشروعية والتأييد الشعبي عن طرفيها، ولكن هذا رغم أهميته ليس كافيا، إذ يقتضي الواجب الوطني بناء جبهة مدنية للسلام والتحول الديمقراطي مؤهلة موضوعيا لقيادة الشعب السوداني والتعبير عن مصالحه، هذه الجبهة من شروط نجاحها المهمة ان لا تكون واجهة جديدة تتحكم فيها وتقودها من الباطن قوى الحرية والتغيير، نحن أمام زلزال سياسي يفرض على القوى المدنية اعادة ترتيب اوراقها بفعل يوازي التحديات الكبيرة، هذا بالطبع ليس تماهيا مع الدعاية السخيفة التي تقول أن الحرية والتغيير هي سبب الحرب وفي رواية انها أشعلت الحرب، فهذا سخف لا يرقى لمستوى النقاش اصلا، الحرية والتغيير جزء من قوى الثورة ، لها ما لها وعليها ما عليها، وستظل جزء من القوى المدنية الديمقراطية، ولكنها لن تكون وصيا عليها او قائدا اوحدا لها، لانها كتحالف ما عادت مؤهلة لاحتكار قيادة الحراك المدني بسبب أخطاء استراتيجية ارتكبتها .

يحتاج الحراك المدني الديمقراطي لبناء منصة جديدة اهم خصائصها امتلاك رؤية متكاملة للخروج من المأزق الراهن وامتلاك خطاب سياسي واعلامي واضح تجاه مستجدات أزمة الحرب وما افرزته من كوارث انسانية و تهديد جدي للوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي، وانطلاقا من هذه الرؤية الانفتاح على مختلف قوى الثورة، و توليد الطاقة الاستيعابية الكبيرة والمبصرة لقوى التحول الديمقراطي( بمعنى امتلاكها لاليات الفرز الديمقراطي الموضوعي، لأن عملاء الانقلابيين يرفعون فزاعة الاقصاء عند استبعادهم من المؤسسات الديمقراطية لأسباب موضوعية ) ، ومن خصائصها كذلك الهيكلة المرنة والفعالة وبناء الصلات العضوية بالجماهير وامتلاك ادوات للفاعلية السياسية الاعلامية والدبلوماسية، جبهة مدنية تحوز باقتدار المشروعية الشعبية وسط الرافضين للحرب والراغبين في حل سياسي يضع البلاد في مسار جديد للتحول الديمقراطي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.