اليوم ال 71 للحرب: تراجع الجيش وصعود الدعم السريع والحركة الشعبية. هل هو فرصة لسودان موحد أم حروب أهلية طويلة ؟

0 77

تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات

ذوالنون سليمان
26 يونيو

تقديم:
مهد توقف التجديد للهدنة في السودان الى توسيع نطاق الصراع المسلح ووتيرة القتال، لكن ما ميز اليومين الماضيين ان قوات الدعم السريع باتت صاحبة المبادرة والهجوم على مواقع الجيش داخل الخرطوم وفي الولايات. يتزامن ذلك مع إعادة قوات الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو انتشارها في مواقع بولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق مما شكل عبئا إضافيا على قيادة الجيش التي تتخذ وضعية الدفاع.

– قامت قوات الدعم السريع بالهجوم علي حامية الجيش بمدينة نيالا، عاصمة  ولاية جنوب دارفور ، استطاع الجيش صد الهجوم ولكنه لم يفلح في فك الحصار وانهاء التهديد المستمر لقواته، هجوم الدعم السريع يأتي في اطار استراتيجيته بإحكام السيطرة علي الولايات الغربية، وعزلها عن ميدان المعركة الرئيسي في الخرطوم، وإخراج مطاراتها من الخدمة، وهو ما نجحت فيه حتي الان، وهي في طريقها لتتويج هذا الانتصار بإعلان السيطرة الكاملة علي عواصم الولايات الغربية.
– تواجه استراتيجية قوات الدعم السريع في غرب السودان تحدي الحركات المسلحة الموقعة على سلام جوبا والتي انتظمت تحت مسمي “القوة المشتركة” لحركات مسار دارفور، وهو تحالف عسكري الهدف المعلن منه، حماية المدنيين وممتلكاتهم، وينشط بصورة كبيرة في ولاية واحدة فقط بمدينة الفاشر، العاصمة الاقتصادية والسياسية للمكونات الاجتماعية للحركات الكبرى في دارفور. يهدف هذا التحالف الذي يضم: جبريل إبراهيم ومني مناوي الى مواجهة الدعم السريع عبر تحالف عسكري عريض للحركات لصالح الجيش وذلك وفق تفاهمات والتزامات مع عناصر النظام القديم والاسلاميين الذين يمثلون حواضن الجيش في حربه ضد الدعم السريع. فيما تشير المعلومات الواردة من دارفور الى نقطة ضعف هذا التحالف هو عزوف قوات الهادي ادريس – قوات المجلس الانتقالي “حليف حميدتي” وقوات الطاهر حجر – تجمع قوى التحرير – عن المشاركة في القتال ضد الدعم السريع. وتعتبر قوات حجر ذات التأثير الأكبر عددا وعدة، وفي حال سحب قواتها من الفاشر فسيكون مناوي وجبريل أمام خيارات صعبة تضعهم في مواجهة مباشرة مع الدعم السريع والجيش، خيارات ستحدد مستقبلهم السياسي وذلك بعد أن تجاوزت قاطرة الحرب محطات الحياد والمواقف الرمادية، وباتت تطوراتها الميدانية تفرض المواقف الواضحة الداعمة لأحد الطرفين.
– نجحت قوات الدعم السريع ( يومي السبت والأحد ) في السيطرة علي معسكر الاحتياط المركزي , جنوب الخرطوم , وهو معسكر يتبع لقوات الشرطة , ولديه قوة قتالية ذات تسليح خفيف وتمتاز بمعرفتها بحرب المدن , وتكمن أهميته من العدد الكبير للقوات ، وأن جنودها ومقاتليها من عناصر  مجتمعات مقاتلة “قبائل غرب السودان” الأمر الذي جعلها أو ما كان منتظرا منها ان تشكل إسنادا لمعسكر الجيش في سلاح المدرعات , سقوط معسكر الاحتياط المركزي له تأثير معنوي علي الطرفين، ويؤكد تقدم الدعم السريع وتراجع الجيش والقوات المساندة له من الشرطة والعناصر الإسلامية الجهادية.
– تصنيف قوات الاحتياطي المركزي لا يضعها في التشكيلات العسكرية وبالتالي فهي لا تتبع للجيش، ولا تشكل عامل انتصار مرجح، مثل المناطق الأربعة المتبقية للجيش، وهي: القيادة البرية الواقعة وسط الخرطوم والمدرعات في منطقة الشجرة وسلاح المهندسين وقاعدة وادي سيدنا في أم درمان.
– التطور الاخر المؤثر على مجريات الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع، تتمثل في بدء الحركة الشعبية لتحرير السودان فصيل عبد العزيز الحلو، المعركة للاستيلاء على عدد من معسكرات ونقاط للجيش في عدد من المناطق بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، واستيلائها على مناطق ومعسكرات رئيسية كانت تحت سيطرة الجيش، مستغلة انشغاله بالحرب مع الدعم السريع..
– وتشير التقديرات ان الحركة الشعبية تستهدف من خلال توسيع انتشارها الي تحسين موقفها التفاوضي في أي مفاوضات مستقبلية، عبر سيطرتها على مناطق منسجمة اثنيا كما هو الحال مع قوام قوات الحلو. ولهذا فالصراع سيأخذ بعدا عرقيا خطرا في حال اصطدامه بقوات الدعم السريع المنتشر شمالا وغربا، وبالمجموعات العربية الداعمة لحميدتي في المنطقة.
الخلاصة:
أمام انتصارات قوات الدعم السريع والحركة الشعبية، وعجز الجيش عن المحافظة على مواقعه وقوته، سيصبح السودان مواجه بأحدى الفرضيتين في ظل انهيار الجيش واضمحلال الدولة المركزية التاريخية وصعود قوي الهامش المسلح ” الدعم السريع والشعبية”. إما استمرار الحرب الاهلية الشاملة او النهاية السريعة للحرب بانتصار أحد الطرفين.
لكن هذه الفرضية يحكمها عاملان جوهريان : الاول ، ان تحسم حركات دارفور المسلحة الموقف في اجتماعها اليوم الاثنين في الفاشر لصالح احد الطرفين ، الجيش أوالدعم السريع ، وبالتالي تحديد مستقبل البلاد وتقصير او إطالة امد الحرب ، والثاني : ان يكون الحلو قد توصل الى نهاية مشروع الدولة السودانية القديمة وبالتمهيد لبناء دولته المستقلة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ، او ان يصل الحلو وحميدتي الى تفاهم استراتيجي وتحديد تخوم الصراع مع الجيش لإنهاء صيغة دولة 1956 وبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على المساواة والعدالة والمواطنة. ويؤسس لدولة موحدة عصية على التقسيم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.