معايدة في الزمن المُر

0 42

كتب: جعفر عباس 

.

عندما توفي السيد عبد الرحمن المهدي، رثاه رئيس الوزراء الأسبق محمد احمد محجوب بقصيدة جاء في مطلعها: العيد وافى فأين البِشْر والطرب؟ وها هو العيد الكبير يهل علينا غدا والملايين من أهل بلادنا في هم وكرب، كما كان حالهم في عيد الفطر الأخير، بعد ان تبعثروا في كل وادٍ طلبا للنجاة من بارود أعمى يتطاير في كل الاتجاهات، وكان الله في عون سكان عاصمتنا بمدنها الثلاث وأهل دارفور الذين تحصد آلة الحرب أرواحهم وتقضي على الزرع والضرع.

صغار السن يسمون عيد الأضحى عيد الخروف، وفي سنة المَحْل هذه تسود الأفراح بين قبائل الخرفان لأن الآلاف منها ستنجو من الذبح خلال الأيام المقبلة، لأن المواطنين صاروا قليلي الحيلة ماديا، فالملايين يعيشون بلا رواتب، وقليل المال الذي عندهم يوشك على الانقراض، ولهذا لا يسمع الناس في العاصمة الكبرى صرخات مااااع ميييع المعهودة في مثل هذه الأيام من كل عام، وصار إعداد الشربوت تبذيرا للقوت الضروري في بلد تقول المنظمات الدولية ان 25 مليونا من سكانه بحاجة الى عون غذائي، وقياسا على هذا صارت المرارة ب”البول” والكمونية والشواء من ماضي الذكريات، ويا أيها الخروف “رحت في حالك نسيتني”.

قلبي على صغار السن الذين يكونون عادة الأكثر فرحا بالأعياد، وأسأل الله ان يقيِّض لهم أعواما قادمات مترعة بالأمل والفرح والأمان، وأن يتسنى لهم المشاركة في أعياد كثيرة مقبلات، في غسل الكرشة دون طنطنة، فرغم أنها مهمة مقرفة إلا أنها تصبح ذكرى حلوة بعد سنوات، خاصة فيما يتعلق ب”ملاواة” ذلك الجزء الذي يشبه الدفتر، ومهما قلبت منه ورقة ونظفت ما حولها، تكتشف أن المهمة مستحيلة، فهي مثل الدعامة الذين هم مثل الفشار كلما تزيد عليهم النيران يزدادون عددا.

نبتهل الى الله ان يرفع عن بلادنا وأهلنا بلاء الحرب، وأن يعيد عليكم أعزائي عديد الأعياد وأنتم آمنون وسالمون ومطمئنون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.