الجيش يتقرب من موسكو والدعم السريع يقترب من الانتصار

0 85

ذوالنون سليمان، مركز تقدم للسياسات
تقدير موقف.

ميدانيا ، تجدد القتال بين الدعم السريع والجيش في الأيام الاولى من عيد الأضحى ، رغم إعلان طرفي الصراع هدنة مؤقتة , حيث استطاع الدعم السريع إحكام سيطرته على مدينة “زالنجي” عاصمة ولاية وسط دارفور ، ويطبق حصاره على حاميات الجيش في باقي ولايات السودان الغربية.وفي الخرطوم تدور معارك متقطعة حول محيط منطقة الشجرة العسكرية مقر قيادة سلاح المدرعات , المحاصرة من قبل قوات الدعم السريع , والتي يتواجد فيها المجاهدون الإسلاميون وباتت مقر قيادتهم المركزية , إلى جانب القيادة البرية في القيادة العامة للقوات المسلحة , والتي يتواجد فيها القائد العام عبد الفتاح البرهان ونائبه شمس الدين الكباشي , مما يجعلها هدفا متوقعا آخر للدعم السريع .
– تشير التقديرات الميدانية، الى استمرار الدعم السريع في هجومه على مواقع الجيش الرئيسية في الخرطوم وعواصم إقليم دارفور، وهو يحاول استثمار تفوقه الميداني ومعنويات قواته المرتفعة في تحقيق نصر حاسم، ليتمكن من فرض أجندته السياسية المتعلقة بطبيعة الدولة وإعادة هيكلة قواتها المسلحة.
– دعوة البرهان للشباب السوداني لحمل السلاح والتطوع دفاعا عن الوطن، كان تأثيرها سلبيا كما اشارت التقارير, ولم تؤدي غرضها ، بل اشارت بعض التعليقات الى ان النداء يمثل تعبيرا عن اعتراف بهزيمة متوقعة للجيش، ترافق ذلك مع مرسوم عين بموجبه، محمد احمد حاج ماجد “القيادي الجهادي المعروف” اميناً لما يسمى ب “النفرة الشعبية” و قائداً لحركات المقاومة الشعبية والمتطوعين، في خطوة تشير لسيطرة الإسلاميين على المشهد العسكري والرسمي ورضوخ البرهان لسيطرتهم، خاصة بعد فقدان معسكر الاحتياط المركزي لصالح الدعم السريع ، وخسارة مئات العربات والعتاد الحربي وكميات كبيرة من المؤن. الأمر الذي تسبب في ارتفاع الأصوات من الأطراف الإسلامية تحديدا، تطالب بتنحيه عن القيادة.
– شكلت زيارة مالك عقار، نائب البرهان في المجلس السيادي، لروسيا الخميس 29 يونيو وقبلها بيومين زيارة انقرة من قبل وزير المالية جبريل إبراهيم برفقة مدير هيئة التصنيع الحربي، بمثابة الإعلان الرسمي عن حسم الجيش ومن خلفهم الإسلاميين لدائرة التحالفات التي أربكت كل الدوائر المعنية بالسودان في الإقليم والعالم. فقد أدرك قادة الإسلام السياسي أن مبادرة منظمة الإيغاد ومنبر جدة، السعودي الأميركي، تستهدفهم بصورة خاصة، وذلك بعد تحول المشهد السوداني الى صراع واضح بين تيار الإسلام السياسي الذي يدافع عن هيمنته المستمرة على البلاد وبين مجموع القوى الاجتماعية التي يتصدرها اليوم الدعم السريع وتحوله من تنظيم جهوي وقبلي الى إطار يمثل كل طموحات وامال غالبية السودانيين بأقوامهم ودياناتهم وولايتهم.
– بزيارة عقار لموسكو وجبريل الى انقرة ، يحاول الجيش توجيه رسائل ابتزاز للحلف الغربي ودول الجوار عبر التلويح بورقة القاعدة العسكرية الروسية علي سواحل البحر الأحمر والتي تم الاتفاق عليها عام 2017 في عهد نظام البشير , ونقل ملف التفاوض إلى تركيا بدل السعودية واديس ابابا عاصمة الاتحاد الافريقي والبحث عن دعم روسي سياسي واقتصادي وعسكري يستمدون منه شرعية الحرب ضد الدعم السريع والقوى الداعمة له ، مما يضع السودان والمنطقة تحت تأثيرات صراعات وتقاطعات دولية وإقليمية جديدة, ويعيد خلط الأوراق والدفع باتجاه تدويل الأزمة السودانية .
– تشير المعلومات الى أن السفير الأمريكي في الخرطوم كان قد وجه تحذيرا مسبقا للبرهان من تقديم أية وعود أو إشارات تخص التواجد الروسي على البحر الأحمر وتنفيذ اتفاقات سابقة مع البشير. لكن القيادة العسكرية وخلفها قادة النظام السابق، ارتكبوا أخطاء دبلوماسية قاتلة، باستعداء السعودية والولايات المتحدة وإثيوبيا وكينيا دفعة واحدة، بتهميش دورهم في الازمة الحالية، وجاء تكليف مالك عقار بمهمة موسكو بدل مبعوث البرهان الخاص السفير دفع الله الحاج والتواصل مع روسيا بمثابة تحد للإدارة الامريكية وحلفائها.
خلاصة:
– مسار العمليات العسكرية تنبئ باقتراب حسمها في الخرطوم لصالح الدعم السريع في حال عدم ظهور عامل خارجي مفاجئ يغير معادلات السيطرة والتفوق على الأرض، في ظل عدد من المتغيرات الميدانية أبرزها: سيطرة الدعم السريع على مراكز ولايات دارفور الرئيسية، وحصار حاميات الجيش في ولاية شمال كردفان وانهيار معنويات الجيش وعزوف المواطنين عن المشاركة في معركة يرون أنها قامت من أجل عودة النظام القديم واستعادة الإسلاميين لحكمهم الذي فقدوه بعد ثورة ديسمبر 2019.
– رغم كل التقديرات بما فيها إعلام الدعم السريع، ان الخطوة اللاحقة ستكون في منطقة الشجرة , قيادة قوات سلاح المدرعات، الذي أصبح موقعا محصنا للميليشيات الإسلامية بكل أطرافها، إلا أن بعض التقديرات تشير إلى أن الهدف الاسهل هو معسكرات أخرى بات الدعم السريع يحاصرها من كل الجهات وفي المقدمة مبنى القيادة العامة التي يتحكم فيها البرهان والكباشي، وسلاح المهندسين بقيادة ياسر العطا بمدينة أمدرمان.
– زيارة نائب رئيس المجلس السيادي مالك عقار لروسيا , ووزير المالية جبريل إبراهيم إلى تركيا , ستدفع المواقف الأمريكية المتحفظة من قوات الدعم السريع الى مراجعة مواقفها والتحول لاستخدام أدوات أخرى من بينها تشجيع التدخل العسكري الدولي, وهو تغيير تفرضه المصالح الأمريكية في صراعها حول النفوذ والمعابر المائية في أفريقيا والبحر الأحمر , وسيكون البرهان بهذه الخطوة وضع مصير حكمه ومستقبل حاضنته السياسية على قارب الصراعات الدولية , بعد أن فشل عسكريا في المحافظة على أهدافه ، وتجريد الدعم السريع من الدعم الشعبي والخارجي تمهيدا للقضاء عليه .
– شكل فشل الجيش والميليشيات الإسلامية في حسم سريع للحرب في الخرطوم، وانحسار الجيش وقياداته في الثكنات انتصارا رمزيا للدعم السريع، أدى إلى دعم التيارات القريبة من الدعم السريع داخل حركات الكفاح المسلح، ودفعها إلى رفض نداءات الجيش للتدخل وحماية مواقعه في الولايات، لأن الدفة مالت عسكريا لصالح الدعم السريع. وتشير المعلومات ان بعض الحركات الكبرى في مسار دارفور قد حسمت أمرها لصالح معسكر الدعم السريع، وعقدت اتفاقات وتفاهمات مع حركات خارج منظومة سلام جوبا حول مستقبل العملية السياسية وآليات حلول الازمة السياسية، الأمر الذي يجعل قيادة الجيش وشركائهم الإسلاميين في جزر معزولة، تحاصرها الأجندات العسكرية والسياسية القاصرة عن استيعاب مجريات الأحداث من منتصف أبريل والديناميات التي خلقتها .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.