قمة دول جوار السودان بالقاهرة تقاطع الأجندات الإقليمية وتعميق للأزمة

0 740

السودان نت
تقدير موقف
تقديم : بدعوة من عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، شارك رؤساء دول وحكومات جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، وإريتريا، وإثيوبيا، وليبيا، وجنوب السودان، في قمة دول جوار السودان بالقاهرة يوم ۱۳ يوليو ،۲۰۲۳، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأمين عام جامعة الدول العربية، لبحث كيفية معالجة الأزمة السودانية التي تفاقمت بعد اندلاع الصراع المسلح بين الجيش والدعم السريع .
نتائج القمة
-التعامل مع النزاع القائم باعتباره شأناً داخلياً، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بما يعيق جهود احتوائها ويطيل من أمدها.
– المحافظة على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها وتشرذمها.
– التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية وتأثيراتها على دول الجوار، ودفع المجتمع الدولي والدول المانحة تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، والذي عقد يوم 19 يونيو.
-التأكيد على أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية يهدف لبدء عملية سياسية شاملة.
-تشكيل آليه وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، تعقد اجتماعها الأول في تشاد، لوضع خطة عمل تنفيذية من أجل وقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الإيقاد والاتحاد الأفريقي.
– تكليف آلية الاتصال ببحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار.
تحليل
قمة دول جوار السودان في القاهرة , لا تنفصل عن تصورات مصر الرسمية حول رؤيتها للحل السياسي وعملية الانتقال في السودان , والمرتبطة بعلاقاتها مع طرفي الأزمة , عسكريا ومدنيا , ولا تخفي تخوفاتها عن تنامي النفوذ العسكري والسياسي للدعم السريع , على حساب شركائها التاريخيين , المؤسسة العسكرية “الجيش” والأحزاب السياسية “قوي 56″ مما استدعى حضورها في المجهودات الإقليمية والدولية لمعالجة الازمة السودانية بعد قرارات البرهان في 25 أكتوبر واطاحته برئيس الحكومة عبد الله حمدوك , بشكل يحافظ على مصالحها وامتيازات شركائها . وتجلى ذلك في استضافتها لورشة القوي السياسية السودانية في فبراير وتشكيلها لتحالف قوي الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية- برئاسة جعفر الميرغني وطرحه الوثيقة الدستورية كمرجعية للحكم ، في ذات الوقت الذي تم الإعلان فيه عن الاتفاق الاطاري بين الجيش والدعم السريع وقوي الحرية والتغيير المجلس المركزي , برعاية” الالية الثلاثية ” البعثة الأممية والاتحاد الافريقي والايغاد” الي جانب “اللجنة الرباعية ” السعودية وأمريكا والإمارات وبريطانيا” مما ضاعف الانقسام السياسي وأدى الى اندلاع الصراع المسلح بين الطرفين .
تأتي هذه القمة في ظل تواصل مجهودات دولية وإقليمية لحل الأزمة , أهمها المبادرة السعودية الامريكية والتي تتخذ من جدة منبر لها , ومبادرة منظمة دول الايقاد التي كونت الآلية الرباعية لسلام السودان . المبادرتان اعتمدتا الحل السياسي أساسا للحل بمرجعية الاتفاق الاطاري ومجهودات الالية الثلاثية والرباعية , والتي يري الجيش وشركائه في الداخل والخارج أنها تصب في صالح الدعم السريع وحلفائه , مما حدا بمراقبين سياسيين الى اعتبار فعاليات قمة دول جوار السودان تكرارا لمحاولات تقويض الحل السياسي للأزمة السودانية عن طريق ابتداع مسارات موازية وإغراقها بالمبادرات والمنابر . خاصة بعد مجيئها في أعقاب دعوة دول شرق أفريقيا لتدخل قواتها وفرض حظر جوي وإخراج المدفعية الثقيلة والقوات المتحاربة من المدن السودانية , مما اعتبرته القاهرة تدخلا أجنبيا ، دفعها على استصدار موقف مواز يحاصر فرضية رؤساء دول الايقاد حول وجود فراغ في قيادة الدولة وعدم الاعتراف بالحكومة القائمة , بالإضافة لصناعة منبر تفاوضي جديد ، يخرج الجيش من عزلته الدبلوماسية بعد مقاطعته اجتماع الآلية الرباعية لسلام السودان في اديس ابابا وتعليقه التفاوض في منبر جدة ، وعدم التزامه بهدنة وقف إطلاق النار المؤقت. ويتجلى ذلك في ترحيب مجلس السيادة الانتقالي بمخرجات القمة واستعداد الجيش لوقف العمليات العسكرية في حال التزام الدعم السريع بها، مع التزامها ببدء حوار سياسي فور توقف الحرب.
علي الرغم من ان البيان الختامي لقمة دول الجوار السوداني رفض التدخل الخارجي واقتراح حوار سياسي وآلية تنفيذية له , إلا أن الخطابات الرسمية للرؤساء المشاركين جاءت مخالفة , حيث أكد رؤساء كل من إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان علي ضرورة وجود سلطة في السودان وضم مجهودات القمة للمبادرة والجهود التي يقودها الاتحاد الأفريقي , بينما التزمت خطابات دولتي ليبيا وأفريقيا الوسطى والأمين العام للاتحاد الافريقي الحياد , فيما اقترحت مصر وإريتريا وجامعة الدول العربية تكوين الية جديدة للحل السياسي ورفض التدخل الخارجي في السودان .
خلاصة
قمة القاهرة أظهرت دول الجوار السوداني كضحايا للحرب الدائرة فيه والتي فرضت عليهم استقبال مئات الالاف من اللاجئين، الأمر الذي يتطلب وضعهم على أجندة الإغاثة الدولية وتوظيف المبالغ المرصودة لمواجهة تداعيات الحرب , والاعلان عن منبر تفاوضي جديد للأزمة السودانية , مواز للايقاد وجدة , مما يعمق الانقسامات داخل القوى المدنية والعسكرية , خصوصا بعد موقف الجيش المبكر بدعم مخرجات القاهرة ووجود أزمة ثقة بين مصر والدعم السريع , مما يرجح فرضية الحل العسكري ويطيل أمد الصراع المسلح ، وهو ما قد يرشح دخول السودان تحت الوصاية الإقليمية , بما في ذلك احتمال سيطرة دول الجوار على الولايات المجاورة المضطربة ، بدواعي المحافظة على استقرار الحدود ووقف تدفق اللاجئين والعمليات الإرهابية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.