هل نهزم الحرب؟.. حكاوينا والجذور

0 165
كتب: فايز السليك
.
مع ركام الأحزان وجراحات الحرب اللعينة، تطل بعض الملامح التي تدعو الى الفخر أو التفاؤل.
ذاك الرجل الوسيم، الذي تزيده أضواء الشهرة ألقاً على ألق، تضطره الحرب أن يعود الى جذوره التي اصلاً لم ينفصل منها، ما سرقته اضواء المدائن وبهرجة المهرجانات، بل ظل مثل جد مبدعنا الطيب صالح، كشجرة سيال، ضارب الجذور في ارض المحنة، الجزيرة الكتير خيرا، وفي الجزيرة يظل مشدوهاً بعشق الصوفي وجنون الدرويش المتجول الذي ( يرقص بلا ساق، وعشقه يفني عشقه).
طابت الشيخ عبد المحمود، بلاد الشعر والتصوف والجمال، وللتصوف والجمال في طابت قصة، فسلسلة الشيخ عبد المحمود ود نور الدائم، تماسك مثل حبات مسبحة، تربط الابن الجيلي، بالابن عبد المحمود، بالابن الجيلي.
شيخ من صلب شيخ، وحبة مسبحة قربها حبة تشيد المعاني والقباب.
والجمال في طابت يمتزج شعر المتصوفة بغنائهم، والغناء عقد كذلك، وحبات لآلئ، أحمد الطيب يسلم الخيط للابن عماد، ثم الأخ الأصغر عصام.
اصواتٌ بعضها من بعض، اصواتٌ رخيمة، وأشخاصٌ فخيمة، وكلمات مكتوبة بأقلام مغموسة في ألواح الشرافة.
اسعدني عماد، وهو جالس في متجر متجول، يكسب رزقه اليومي بعرق جبينه، ويساهم في دورة المال والحياة، يقاسم مع الناس الهموم ويتقاسم معهم الحب.
إن كان للحرب وجهٌ آخر كوجه القمر المضئ، فهو عودة مئات الآلاف الى قراهم.
سعدتُ شخصياُ عندما قرأتُ قبل ايام منشوراً لعائشة بنت عمتي الغالية الراحلة الروضة، وعائشة احب ان اسميها أم الشيخ، وهو اسم جدتنا، والشيخ هو ابي اصغر اخوته، فتسمي الروضة والدتها بأم الشيخ محبةً ودلالا.
وأم الشيخ الأخرى بنت عمتي عادت الى قريتنا أم مرحي الشيخ الطيب بعد سنوات، عادت ومعها حبيبنا ابو علي والشريف ومنيرة ومجدي وخالد وحسام، واقبال والروضة.
عادوا الى أرضهم، ارض اجدادهم، وعادت بي الأيام الى سنوات المحبة، عالم الرياضة، مجلات سيدتي وحواء وروز اليوسف، بدايات اكتشافي للصحافة، وصحيفة الهلال وصورة مصطفى النقر، لا ازال اشم حبر الجرايد التي كان يبعثها لي خالي مصطفى، يعرف عشقي للهلال حينها، وأم الشيخ تذكرني عثمان حسين، ولمتين لمتين يلازمك في هواك مر الشجن، وابن خالتي الحاج الماحي المجنون بأبي عفان، فأطلق على بناته أسماء اغنيات عثمان حسين.
وتذكرني العودة بيت حبوبة أم الشيخ، العشاء والعصيدة باللبن، ودعواتها لي ( تلقى الوظيفة والقعدة الظريفة) ومسامرات الليل، وبابكر وعاطف والجنيد، وود احمد وود الشايب، وقرنق، والفاتح والقرادة وعوض السيد وابا وحليم وهلال مريخ، وكوسجن واولاد نور الجليل ومحمد نور، والبشير، وآل مساعد وابو الزهور، والكد، وموسى والذين رحلوا من الذين نحبهم والرابطة والنادي، والفلاتة، ودكان خال حبيب والتلفزيون، والفاضل ووردي، ورائحة دعاش المطر والهمبريب، القطن والعيش والطماطم والعنكولبب.
ولم يكن عماد احمد الطيب، غائباً عن مجالسنا، كيف يغيب ونحن يشدنا روح التصوف والطريقة السمانية ما بين طابت وام مرحي وجبل اولياء؟ كنا معجبين بالشاب الذي بغني مع والده، وضاع صبري، وهل يأتي ذكر طابت دون ذكر الجميل عمار السنوسي؟، وهل يكون الغناء في الجزيرة بعيداً عن الشكينيبة؟ انور عقد الجلاد والخال محمد احمد عوض، وحلة عباس وبادي؟
هل العودة بداية جديدة؟ تكون الحرب فرصة للعودة الى الجذور وتعمير الارياف وترك المدن دون زحمة؟
ماذا ونحن من ادخلنا الخدمات بالعون الذاتي؟ كهرباء ومياه ومدارس ومراكز صحية؟
أن نحكم انفسنا بأنفسنا، محالس تشريعية وحكومات اقليمية.
في ظني سيكون هذا الطريق بداية لطي ملفات الحروب وصراعات السلطة وسفك الدماء.
شكرا. الدكتور احمد السماني البشير، الذي حدثنا عن عماد واهدى صورته على الفيسبوك.
.
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏
الفنان الكبير عماد أحمد الطيب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.