الذكاء الدقلوي… حميدتي وخيارات القيادة العسكرية
كتب: ذوالنون سليمان
.
كثيرأ من الاختراعات العلمية تمر علي البشرية مرور الكرام ، دون الانتباه لها ، حتي ترتبط بحياة الناس وتصبح شغلهم الشاغل ، لدرجة إفقادها منطقها العلمي ، ومثال لذلك ، تقنية الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح بفضل قائد قوات الدعم السريع ، حميدتي ، الشماعة المفضلة لدي السودانيين حول كل ما يخالف الامنيات ويجافي التوقعات، خصوصًا في السياسة.
من الطبيعي أن يثير ظهور حميدتي “صورة وصوت” بعد غيابه الطويل موجة من الجدال ، خاصةً بعد إنتشار شائعة مقتله وإصابته التي أطلقتها الآلة الاعلامية للإسلاميين في صراعهم المسلح ضد الدعم السريع وقوي الانتقال السياسي ، شائعة مقتل أو إصابة حميدتي أستخدمت كسلاح معنوي في المعركة ، وذلك من أجل إنسحاب الجنود من ميدان المعركة والبحث عن الخيارات الفردية المطروحة ، وانفضاض القوي المجتمعية والسياسية الداعمة له ، ظهوره الاسكندري المهيب اضطر ذات القوي لإعادة تدوير فرضية الذكاء الاصطناعي التي استخدمت مرارًا ضد تسجيلاته الصوتية السابقة ، ومهدت للظهور الأسطوري من حيث لا تحتسب ، مما دفعها للجوء لذات الشماعة التقنية ، الذكاء الاصطناعي !
ظهور حميدتي ، جعل الجميع يتورطون في جدال الحقيقة والصناعة العقيم، ويقعون في في فخ قوي الحرب في السودان ، التي نجحت في مخططها الرامي لامتصاص الصدمة وإلهاء السودانين عن التفكير في مضامين الخطاب والدلالة الزمانية والمكانية لظهور حميدتي والأهم ، تغطية فشلهم وعجزهم عن هزيمة الدعم السريع والقضاء علي قيادته في ٦ ساعات ، وفضيحة وجود القيادة العسكرية للجيش والإسلاميين تحت المخابئ الملغومة والمهاجر الآمنة بينما يتبختر الدعامة وقادتهم في شوارع الخرطوم تلال وهضاب وصحاري السودان أني يشاؤون.
خطاب حميدتي تجاهل أهم الأحداث السياسية السودانية ، إنسحاب وفد الجيش من منبر جدة ، إجتماعات قوي الحرية والتغيير في القاهرة ، ورشة قيادات دارفور السياسية في توغو ، وخلا من أي رسائل للمجتمع الدولي والإقليمي والقوي السياسية السودانية ومنظومات المجتمع المدني ، علي غرار تسجيلاته وإطلالته السابقة التي كآن يحرص فيها علي مخاطبة مخاوفهم وتحفظاتهم ، وأكتفي برسائل مقتضبة لجيشه وشعبه والقيادة العسكرية والفلول، تتلخص في إذكاء الحماس والشكر والتحذير والوعيد .
ظهور حميدتي وسط قواته المدججة بالسلاح ، وربط الوصول لحل بتغيير قيادة الجيش إشارة واضحة لعزمه على التصيد العسكري والحسم عبر معارك كسر العظم الدموية لإجبار قيادة الجيش علي التنحي والوصول لإتفاق في خلال 24 ساعة ، مما يعني أن البلاد مقبلة علي معارك مصيرية في الأيام المقبلة ، يعزز هذا الافتراض تداول وسائط التواصل الاجتماعي مقاطع وصور تثبت وصول أسلحة ومنظومات دفاع جوي وأرضي متطورة لقوات الدعم السريع .
تغييب الوعي الشعبي عن طريق الإلهاء ، ومنع السودانيين من معرفة أسباب الحرب وأطرافها الحقيقية ومساراتها ، وفرض خيار الحرب علي المجتمعات السودانية عبر تأجيج النعرات القبلية والمخططات الأمنية ، والإجهاز علي فرص السلام ومبادرات الانتقال والحل السياسي عبر أستراتيجية تعدد المنابر وإضاعة الوقت التي ستؤدي لتطاول أمد الحرب واستمرار معاناة المواطنين ، وربما لجغرافيات سياسية جديدة ، وهو ما يفرض علي قوي السلام وتيارات التحول الديمقراطي التصدي لمخططات عودة الإسلاميين علي أشلاء الوطن .