اشتباكات العاصمة الإدارية للسودان، الخلفيات والاهداف

0 191

تقدير موقف : ذوالنون سليمان

مركز تقدم للسياسات
اشتبكت قوة مسلحة من الجيش في مدينة بورتسودان مع عناصر تابعة لتحالف أحزاب وحركات شرق السودان من قبائل البجا بقيادة شيبة ضرار بعد نصبها كمائن مسلحة للتفتيش في شارع رئيسي بوسط بورتسودان. ترافق ذلك مع خطاب ناري يهدد بالعودة لحصار الميناء وقطع الطرقات ويطالب برحيل البرهان وحكومته من المنطقة.
من هو القائد شيبة:
– ضرار أحمد ضرار المعروف ب”شيبة” من الشخصيات الاجتماعية المؤثرة بولاية البحر الأحمر، ينحدر من قومية البجا، قبيلة الامرأر , كان عسكريا سابقا بالجيش السوداني , وأحد المقاتلين بقوات البجا العسكرية الذين عادوا للسودان بعد توقيع موسي محمد أحمد اتفاق شرق السودان عام 2006 .
– اشتهر بقربه من النظام السابق وتقلب مواقفه، فهومن المبادرين لترشيح الرئيس عمر البشير لانتخابات عام 2020 . وشكل الحماية المجتمعية لرئيس وزراء النظام السابق الطاهر أيلا عند عودته من مصر في شهر أكتوبر 2022.
– أعلن في مايو 2021 انضمامه للدعم السريع كقائد لشرق السودان , لكن ذلك لم يستمر طويلا .
– شاعت شهرته بعد تنفيذه إغلاق كل الموانئ على البحر الأحمر، والطريق الرئيسي بين الخرطوم وبورتسودان الذي دعا له “المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة في أكتوبر 2021 ، احتجاجا على ما عرف بمسار الشرق في خطوة مناهضة لحكومة حمدوك الانتقالية ،وبعض التقديرات تقول ان هذه الخطوة ساهمت في الانقلاب على الحكومة في 25 أكتوبر 2021. .
– مؤخرا، تقلد موقع رئيس لجنة الاستنفار في الولاية الداعمة للجيش في حربه ضد الدعم السريع , وتكوينه مليشيا من مئات المجندين المسلحين , وتعريف شخصه بالفريق شيبة ضرار.
تحليل :
عرف شيبة ضرار بتصريحاته الرافضة لشغل مسؤولين من خارج مكونات الولاية المناصب الحكومية , وتوجيهه انتقادات حادة لمسؤولين حكوميين انتقلوا إلى شرق السودان بعد اعتمادها عاصمة إدارية بديلة للخرطوم ، ورفضه لتواجد قيادات العناصر الإسلامية من خارج الولاية بالمنطقة وتحكمهم فيها , وانتقاده للبرهان علي الرغم من تأييده للجيش وهجومه الإعلامي المستمر على قوات الدعم السريع . بعد الحادثة , اعتبر الناطق الرسمي باسم قوات تحالف وأحزاب حركات شرق السودان ما حدث مجرد سوء تفاهم , وان قواتهم ملتزمة بموقفها الداعم للجيش.
ترجع بعض المصادر حركة الشيبة ضرار الى مخطط من الاستخبارات العسكرية يستهدف الاستعداد لإعلان حكومة الطوارئ ، لتعزيز وضع القوات المسلحة واستنفار ميليشيات النظام السابق ، تخوفا من تحرك عرقيات وقبائل أخرى في الولاية ، تستهدفها حملة عنصرية لإبعادهم من الولاية ، واعادتهم الى بلدانهم الاصلية , وفي المقدمة قبائل الحباب والبني عامر وأخرى افريقية وافدة من غرب أفريقيا، ويشاع انهم من المتحالفين مع الدعم السريع . فيما ترجح مصادر أخرى ان شيبة ضرار يرسل باشتباكه المحدود مع الجيش رسالة الى البرهان تستهدف حجز موقع له في التشكيل الحكومي القادم ، خاصة وان التحالف الرئيس المعتمد للجيش في الولاية هو مع ناظر الهدندوة وزعيم البجا القوي الناظرمحمد ترك .
وفي خلفية المشهد أيضا ، القطيعة المستمرة بين مكونات أساسية في الولاية بما فيها من مجتمع البجا مع النظام القديم ليس فقط بسبب التهميش والفقر الذي يعيشه الشرق رغم ثرواته وموارده الكبيرة ، بل لمجزرة 29 يناير 2005 التي سقط فيها أكثر من مائة مواطن من تنظيم البجا في حراك سلمي يطالب بحقوقهم المدنية ، فشلت كل وساطات الحكومة والادارات الأهلية، في إقناعهم بالتنازل عن حقهم في دم ابنائهم، وأسست لقطيعة بينهم وبين عناصر النظام القديم , ظهرت في النشاط السياسي الرافض للحرب و لتواجد البرهان وحكومته في المدينة , حيث لم تتوقف القوى المدنية والأهلية ولجان المقاومة في الشرق عن طرح مظلومية مناطقهم واهمالها لعقود طويلة وافتقارها للتنمية والصحة والتعليم .
خلاصة:
سواء كانت حوادث بورتسودان الأخيرة مخطط لها بهدف احكام سيطرة ميليشيات النظام القديم على الولاية او انها مناورة لتحسين المصالح الخاصة لبطون أخرى من قبائل البجا والتي يستأثر بها الناظر ترك ، فان ما جرى يكشف عن حالة احتقان تشمل كل التنوع العرقي والاثني الذي يصنف على مجتمعات الهامش التي تستفيق اليوم على دعوات عنصرية تطالب بترحيلهم ، رغم وجود غالبتهم وخاصة المصنفة ارترية في تاريخ يسبق قيام الدولة السودانية . تداعيات يعزز من تفاقمها حالة الاستقطاب الجارية بين الجيش وجماعات النظام القديم وقوات الدعم السريع ، الذي نجح في تظهير حركته بانها تصحيح لمسار تاريخ السودان وانه يمثل مظلوميات غالبية المهمشين . وعندما يعلن الدعم السريع ان معركته اللاحقة بعد الخرطوم ستكون في بورتسودان ، فانه يعني ما يقول تماما ، ويدرك ان حليف الجيش والنظام القديم القوي الناظر ترك ، لا يسيطر على قبائل البجا ذاتها ، وان بقية العرقيات والقبائل لا مصلحة لها بعودة النظام القديم وادواته الى الولاية .
استمرار الحرب وسعي الدعم السريع لحسم معارك الخرطوم في الأيام القادمة، تجعل من فكرة اعلان بورتسودان عاصمة إدارية لحكومة طوارئ ، مشروعا مهددا بسيناريوهات حراك لجان المقاومة والمقاومة الشعبية , وبوادر نزاع قبلي وعرقي ، التي تشكل الأرضية الخصبة لتوسيع الجنرال حميدتي معاركه نحو الشرق في استهدافه للعاصمة الإدارية الجديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.