تقدير موقف ،مركز تقدم للدراسات
تقديم:
في الوقت الذي سيلقي فيه رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان خطابه يوم الخميس 21 سبتمبر ضمن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الثامنة والسبعين في نيويورك، تداولت مستويات إقليمية ودولية خيار التدخل العسكري المباشر , سواء كان بفرض السلام أو بدعم أحد طرفي الصراع , وذلك بعد عزم الطرفين المتصارعين في السودان على تشكيل حكومتين ، مع استمرار خيار الحل العسكري وتوسيع ميادينه .
تحليل:
تتعلق هذه المجهودات بإثناء الدعم السريع من توسيع دائرة الصراع واجتياح شرق السودان وفق مخططات قائد الدعم السريع الغاضب من عدم التزام البرهان بصفقة خروجه من الخرطوم، وانتزاعه وعد بعدم تقييد حركته حال عدم وفاء البرهان بوعوده , وهو ما ترجمه الان , من خلال تصعيده العسكري في الخرطوم ومجهوداته للسيطرة الكاملة عليها في الايام القادمة , مهما كانت الكلفة . ولم تخف مصادره وناطقيه الإعلاميين انه سيزحف بعدها للعاصمة الإدارية الجديدة في بورتسودان , في محاولة منه لتعطيل تشكيل البرهان لحكومة طوارئ ، تدخله في معركة على الشرعية هو الطرف الضعيف فيها ما لم يحقق انتصارا سريعا وحاسما ليس في الخرطوم وحسب وإنما في الغرب والشرق ايضا , يدفعه في ذلك مخاوف تشكيل البرهان لحكومة حرب وتحول الرأي العام العالمي ضد قوات الدعم السريع وعودة تصنيفها كمليشيا “جنجويد”، الامر الذي يفرض عليه السعي لتحقيق النصر الحاسم في ساحة المعركة أو الضغط علي الجيش والاسلاميين لقبول المبادرة السعودية الامريكية والايقاد .
لا ترغب القوي الإقليمية والدولية في اتساع دائرة القتال وتمدد الحرب بين الدعم السريع والجيش نحو الشرق , لأنه سيعني عدم وجود مركز للسلطة وسيحول الحرب لحالة فوضى , الى جانب تهديدها لأمن منطقة البحر الأحمر بكل أهميته الاستراتيجية التجارية والعسكرية , مع قابلية تأثر دول القرن الافريقي بها , وانعكس ذلك في زيارة وفد أمريكي ليوغندا وذلك بعد اكماله سلسلة لقاءات في إثيوبيا مع قوى الحرية والتغيير والقوى المدنية تتعلق بالموقف في السودان , هدفه ، تقييم الأوضاع والبحث عن سيناريوهات جديدة بعد عدم التزام قائد الجيش البرهان بمصفوفة شروط خروجه من الخرطوم , ونشاطه الدبلوماسي وتصريحاته الإعلامية المتعارضة مع خطوات الحل السياسي وفق المبادرة السعودية الامريكية , حتى الان كانت واشنطن تفضل وجود كيان مدني يتولى السلطة بعد انتهاء الصراع , فهي لا ترغب في أن تلحق قوات الدعم السريع الهزيمة الساحقة بالجيش ولا عودة النظام القديم للسلطة ببنادق عناصره في الجيش , وفي مفاضلتها بين الاثنين , من غير المستبعد أن تبدأ السياسة الواقعية الأمريكية بترجيح خيار حكومة مدنية تحظى برضى وموافقة الجيش في حال تعذر إيجاد حكومة مدنية كاملة الصلاحية ، وذلك درءا لمخاطر الحكومات الموازية , حكومة الجيش وحكومة الدعم السريع , التحديات التي قد تنجم على المستويات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية . مع افتقار قوات الدعم السريع للتجربة في الحكم ولحليف مدني داعم. في حين يدعم الإسلاميون حكومة جيشهم، وما يحمله هذا الخيار من احتمال دعوة الجهاديين من دول الساحل الافريقي، ومخاطر أخرى لا يستثنى منها قيام تحالفات جديدة مع الصين وروسيا وإيران قوامها شواطئ البحر الأحمر، مما يفاقم من الهشاشة الامنية للمنطقة.
الخلاصة:
يشهد الصراع السوداني متغيرات، ليست على الصعيد العسكري والسياسي الداخلي وحسب، بل وعلى مستوى المواقف الدولية والاقليمية من الصراع، في ضوء إصرار طرفي الحرب على المضي بالخيار العسكري الى نهايته، ويمكن القول استنادا الى مصادر مختلفة، ان الدول الغربية المعنية بالوضع السوداني قد توصلت الى مقاربات جديدة ينبغي ان تكون مصدر قلق لكل الأطراف السودانية أولا ولدول الجوار الإقليمي أيضا وتقوم على:
•إذا ما أصر كل من طرفي الصراع السوداني على تشكيل حكوماتهم في الخرطوم وبورتسودان، فان ذلك يعني بالنسبة للعواصم المعنية نهاية مرحلة الحلول السياسية ووقف الجهود المبذولة لجمع الأطراف على طاولة الحوار , وبدءها التشاور مع دول الإقليم والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية في واقعية التدخل العسكرية المباشر، سواء بمحاولة فرض السلام بالقوة أو بدعم أحد طرفي الصراع للوصول الى تسوية، توقف تدهور الوضع الإنساني وتمنع تمدد نيران الحرب بما يهدد الامن والاستقرار في المنطقة .
السابق بوست
سي إن إن: القوات الأوكرانية الخاصة على الأرجح وراء هجمات على مواقع الدعم السريع بالسودان
القادم بوست