ما قالته الحرب.. الجيش (١)
كتب: وائل محجوب
….
• عقب انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م، أصدر الفريق أول عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة وقائد الانقلاب، ما يزيد عن ٤٠٠ قرار، ألغى بموجبها كل القرارات الصادرة من لجنة إزالة التمكين، بحق عناصر المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية بجهاز الدولة، وشملت القرارات فك الحظر والتجميد عن كافة المنظمات التابعة لهما، وأرصدتها البنكية ومقارها المصادرة، وتولى القاضي “ابو سبيحة” أمر البقية الباقية، ومع ذلك يردد البعض مصطلح الكيزانوفوبيا..!
• وقبل اندلاع الحرب وطوال شهر رمضان، خرجت قيادات الكيزان المعروفة من مخابئها للعلن، وقادت حملة شعواء ضد الإتفاق الاطاري، وقالت انه لن يرى النور وتوعدت جميع قوى الثورة بالحسم، وهددت باللجوء لكافة الخيارات، وانها على استعداد كامل لحرق البلاد، إذا لم يتم الغاء الإطاري، ورددت كوادرهم فلترق كل الدماء.. ومع ذلك يردد البعض كيزانوفوبيا..!
• وصبيحة ١٥ ابريل وبمجرد اندلاع الحرب، كانت كوادرهم الحزبية العسكرية والأمنية، التابعة لمكتب العمل الخاص للحركة الاسلامية، حاضرة بسلاحها وعتادها الحربي داخل مواقع القوات المسلحة المختلفة، وقبل ان يصل ضباطها وجنودها اليها، ومع ذلك.. ومع كل ذلك.. يتصايح البعض بالكيزانوفوبيا..!
• وها قد مرت سبعة أشهر منذ اندلاع الحرب، وتكشف ما كان خافيا عن علاقة قيادة القوات المسلحة بقادة المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية، الذين تبجح بعض متحدثيهم وكوادرهم، احتفاء بهذا الاختطاف لمؤسسة قومية، ولدت قبل أن يرى ائمتهم النور، وقال بعضهم في تسجيلات صوتية طافت بكل الأرجاء، بإن هذا الجيش في وضعه الراهن، بنته الحركة الاسلامية وسلحته ودربته، وشيدت مبانيه وقامت بأدلجة عناصره، ولو عاد بها وبهم الزمان لفعلوا ذلك من جديد، ومع ذلك يتصايحون عن الكيزانوفوبيا..!
• إن تجيير المؤسسات العسكرية والأمنية لخدمة أهداف المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية يجب أن ينتهي، وقد كشفت الحرب مقدار الخراب الذي تعرضت له هذه المؤسسة، على الرغم من كل مؤسساتها الاقتصادية، التي لا تخضع لوزارة المالية ولا لسلطة المراجع العام، وتحقق مليارات الدولارات التي لا يعلم أحد عنها شيئا، وحالة التدني المريع في ادائها العسكري، وضعف أعداد جنودها مقارنة بالألاف المؤلفة من الضباط، وانخفاض تسليحها وقدراتها في مواجهة مليشيا خرجت من رحمها، ورعاها قائدها العام ودافع عنها، في وجه المطلب الشعبي الرافض لها والمطالب بحلها، ومكنها وأخرجها عن سيطرة القوات المسلحة وسلطتها، حتى صارت جيشا موازيا يحتل العاصمة، ويتمدد من ولاية لأخرى.
• إن دروس هذه الحرب المدمرة، قد كشفت وبوضوح ان عملية اصلاح الجيش، وتطهيره من الانحياز السياسي والايدلوجي، ورده لرحاب القومية والمهنية، ليس أمرا مهما فحسب، انما صار أمرا حتميا لمصلحة الجيش نفسه، ولمصلحة البلاد العليا وأمنها القومي، ويجب أن تواجه تلك الأصوات التي تريد تحصين الجيش، وجعل الحوار حول شأنه محرما وقاصرا على العسكريين، وتقاوم عملية الاصلاح، فهي بغير شك لها مصلحة سياسية، في استمرار تمكين حزب سياسي ضرار، أورد المؤسسة العسكرية والبلاد كلها المهالك بفساده واجرامه وهوسه الدائم بالسلطة.
• هذه الحرب وبرغم محنها الكبيرة، الإ انها يجب ان تكون نقطة تحول كبرى للبلاد، ويبدأ ذلك بالتمسك برد مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية لقوميتها، وتعديلات تطال قوانينها وعقائدها العسكرية، ونظمها وانماط تدريبها وطرق استيعابها للمجندين، وبإلزامها بحدود مسئولياتها، لا تتعداها مطلقا لتقويض النظام الدستوري، وتنهي وللأبد ثقافة صناعة المليشيات وتسليحها واستخدامها في الحروب الداخلية، وبمحاسبة كافة المتورطين في تخريبها.
• لا مجال أبدا لأن تكون هناك مؤسسات فوق القانون، تدار من مباني الأحزاب ووفق تصوراتها، وعلى رأس ذلك الأجهزة والقوات النظامية والأمنية، والتي بدلا من أن تكون حماية للشعب، تحولت لأدوات بطش للطغاة، وعونا على السطو على السلطة، وتسخير البلاد ومواردها خدمة لمصالح حزبية ورفاها لقادتها من محاسيب النظام، على حساب المؤسسة وتطويرها واعدادها.
….
“وغدا نحدث عما قالته الحرب عن الدعم السريع والمليشيات”