منبر جدة… فرصة لحرب أخري

0 80

كتب: ذوالنون سليمان 

.

انتهت الجولة الاولى من المباحثات بين الجيش والدعم السريع من دون تحقيق أهدافها المعلنة في بيان الوساطة حول استئناف المباحثات , وهي , وقف إطلاق النار والأعمال العدائية كبداية لبناء الثقة التي يفهم منها ضمنيا إعطاء الوقت للعملية السياسية وفق مبادرة الايقاد . انتهت الجولة في ميقاتها المحدد بإعلانها التزام طرفي الصراع بفتح المسارات الانسانية ، وتمكين كل المنظمات العاملة في هذا المجال من التنقل والحركة بحرية تامة في أماكن سيطرة الجيش والدعم السريع و الجيش , من دون وجود اليات مراقبة أو ضمانات ملزمة , أو حتي تحديد جولة قادمة , مكتفية بتعهدات الطرفين , في خطوة احبطت الجميع وفتحت الابواب أمام دورة جهنمية من العنف .
بعد 7 شهور من الحرب , لا يمكننا الاحتفاء بمخرجات جدة , لأنها ببساطة تعني استمرار الة القتل والعنف , فلا معني لترتيبات إنسانية في ظل استمرار الحرب , والتسليح والاستنفار والتجنيد , ما حدث هو إخراج دبلوماسي للحفاظ علي وجود المنبر وماء وجهه , وتبرير للمجتمع الدولي الذي فشل في المساهمة في إنهاء معاناة الشعب السوداني طيلة فترة الحرب , نحتاج لمعرفة لماذا فشل المنبر في تحقيق وقف إطلاق النار ومن المسؤول عن استمرار القتال , وأن تقوم القوي السياسية والمدنية بواجبها في حشد الشعب وتعبئته لصالح تحقيق السلام وأهداف الثورة , بدلا من ترحيبها بجولة أخري للحرب .
نتيجة هذه الجولة كانت متوقعة , لأنها أتت مترجمة لأسباب الحرب , حرب الإسلاميين علي الدعم السريع عبر عناصرهم في المؤسسة العسكرية , والتي صنعت لخروج أحد طرفيها من المشهد العسكري بكل تداعيته السياسية والاقتصادية , والاجتماعية في حالة الدعم السريع , الذي يسعي لتحقيق سلام المنتصر من خلال منبر جدة , يعزز ذلك الافتراض خطاب حميدتي الأخير والذي تحدث فيه عن السلام الكامل والدائم من خلال تحقيق أهم عناصره , ابعاد الإسلاميين من المؤسسة العسكرية وجهاز الدولة والحياة السياسية , يشجعه علي ذلك انتصاراته في الميدان وتقدمه علي كافة الجبهات .
في الجانب الاخر , نجد قيادة الجيش علي الرغم من ضعف موقفها الميداني وفقدانها للعديد من مقارها ومواقعها في دارفور وكردفان والخرطوم , تتمسك بذات موقفها التفاوضي القديم , كمؤشر لفرضيتين , الأولي , استمرار قبضة الإسلاميين علي مفاصله وتأثيرهم علي قيادته وبالتالي علي مجريات التفاوض الذي يرغبون من خلاله تأمين مشاركتهم السياسية والحفاظ علي وجودهم في السلطة , وبالعدم استمرار الحرب , يدعم هذه الفرضية التغيرات العسكرية الأخيرة في قيادة قاعدة وادي سيدنا العسكرية وإدارة العمليات , والتي أتت لصالح ضباط معروفين بانتمائهم وبمواقفهم الداعمة لمشروع الحركة الإسلامية , المؤشر الثاني , يتعلق باستراتيجية الجيش في دارفور وخططه الرامية لتحويل الحرب الي صراع قبلي بين حواضن قوات الدعم السريع والحركات المسلحة بولاية شمال دارفور. لهذا , أصبح التقدم في المباحثات ونجاحها استحالة , مما فرض علي المسهلين اختيار القرار الاسهل , وهو منح طرفا الصراع الفرصة لإحداث تغيير علي الأرض يساعد مجهوداتهم لتحقيق السلام , بمعني , استمرارهم في حرب كسر العظم من أجل مواقف جديدة في الجولة القادمة .

#لا_للحرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.