مؤتمر الحرية والتغيير المركزي بالقاهرة لا جديد يذكر وقديم يعاد

0 93

كتبت: صباح موسى

.

عقدت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) مؤتمرا صحفيا بالقاهرة اليوم (السبت)، مؤكدة أنه ما عاد خافياً على الإطلاق دور وصلة النظام المباد وحزبه المحلول وتنظيم الحركة الإسلامية التابعة له وواجهاتهم في التحريض على الحرب وإشعالها وتغذية إستمرارها، بإستخدام نفوذه على بعض أجهزة الدولة، وقالت إن مساعى بعض الأطراف لإستيعاب النظام المباد وحزبه المحلول في أي عملية سياسية مستقبلية هو فعلياً إستمرار للتشوه والاضطراب في الدولة ومكافأة للنظام على جرائمه التي إرتكبها بإعاقة الإنتقال الديمقراطي، وقطع الطريق على العملية السياسية بإشعال الحرب في 15 أبريل 2023م، ولذلك يجب إخضاع هذه المجموعة الإجرامية لرغبات شعبهم والتصدي الحازم لهم وتصنيفهم كمجموعة إرهابية ذات سجل إرهابي معلوم وممارسات تمثل تهديداً للسلام والأمن الإقليمي والدولي، واستهجنت قوى الحرية والتغيير موقف حركات دارفور الأخير من عدم الحياد في الحرب، معتبرة الدعم السريع قوة عسكرية لها حاضنة إجتماعية مقدرة ومطلوبات سياسية، موضحة أن الجبهة العريضة تسع كل القوى التي تقول لا للحرب.

تحدثت قيادات قوى الحرية والتغيير في مؤتمرها بالقاهرة بنفس الخطاب القديم (خطاب الإطاري وماقبله)، لم تتغير اللهجة، فمازلت الأحق والممثلة للشعب السوداني، ليست السبب في الحرب، تريد إنهاء الحرب دون رؤية ، مازالت عند موقفها بأن الدعم السريع قوى لابد من الإعتراف بها، وأنها قوة عسكرية لها حاضنة إجتماعية كبيرة ولها مطلوبات سياسية، وأنه يجب وقف الحرب لأن من يسقط من (الطرفين) يمثل في نظرهم (ضحية).

الحرية والتغيير المركزي على مدى شهور الحرب السبعة مازالت تجمع في جبهة عريضة محسوبة عليها في الرؤى، ليست على استعداد لتقبل الآخر المخالف لها، وقسمت المشهد ما بين من يقولون لا الحرب وبين مايقولون نعم للحرب، مازالت تنكر أنها كانت سببا رئيسيا في هذا الصراع، تدافع باستماته عن موقفها، رغم كل الحقائق التي ظهرت وكشفها مقربون من المشهد، ومع الدفاع المستميت، هجوم لاذع على المؤتمر الوطني وواجهاته كما يسمونها، وصاحب ذلك هجوم متكرر من كل قادة الحرية والتغيير في المؤتمر، والذين ذكروا الاسلاميين والمؤتمر الوطني مع كل بداية جملة ونهاية الأخرى، متغافليين الأجندات الإقليمية والدولية في المشهد، مدافعين عن وحدة السودان وعدم تفتيته، في وقت يفشلون فيه على للملمة شتاتهم الداخلي.

حركات دارفور التي تخلت عن الحياد أيضا لم تسلم من الهجوم اللاذع باتخاذها هذا الموقف، لأن الموقف السليم في نظرهم هو العمل على إنهاء الحرب، وعدم تحويل دارفور لصراع إثني وقبلي، متهمين جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي بأنهم خانوا الثورة في 25 أكتوبر والذين يرونه إنقلاب إخواني بامتياز، وأن مايفعله جبريل ومناوي ما هو إلا تنفيذ لأجندة النظام السابق، وأنهم بموقفهم الأخير بعدم الحياد سيجروا دارفور للصراع.

كنت أنوي حضور المؤتمر وعدم الأسئلة والنفاش فيه، لكن الحديث أجبرني على المداخلة مرة أخرى، فكيف لا ترى الحرية والتغيير حتى هذه اللحظة أن الدعم السريع باغي ومتجني، كيف ترى أنه ضحية بعد تشريد الناس وقتلهم واغتصاب حرائرهم وسلبهم، ما هذا التمترس العجيب مع كل هذه الإدانات الدولية والشعبية لجرائم ارتكبها الدعم السريع ترتقي لجرائم الحرب والإبادة الجماعية؟!، وهل من حق هذه القوة العسكرية المتمردة أن يكون لها مطلوبات سياسية؟، مالذي يجعل الحرية والتغيير تنادي بانهاء الحرب، ومازالت الأسباب التي أدت إلى الحرب لم تبارح مكانها، نفس الخلاف الحاد مع الجبهة الديمقراطية وباقي القوى التي تخالفها، نفس الحديث الإستعلائي بأننا نسمح ولا نسمح، وما سر تسمية جبهة عريضة لم تضم في مكوناتها ما يجعلها تسع هذا الإسم الكبير، مالذي تفعله الحرية والتغيير بعد هذا الطواف في العواصم الإقليمية والدولية وما الذي قدمته في مؤتمر اليوم، هل هو تعريف المعرف وتجريب المجرب؟، كيف تنتهي الحرب إذا، ونفس معطيات اشتعال الحرب قائمة بل ازدادت حدة، هل القضية قضية وطن أم قضية شخصية مليئة بالغبينة، إذا لم تستطع اسالة الدماء وتشريد ونهب وسرقة الناس سببا قويا لمحو هذه الأجندات الضيقة مالذي سيمحوها أذا؟؟.

كنت أتخيل على أقل تقدير ادانة خجولة للدعم السريع، لكن كل التبريرات جاءت لصالح الدعم السريع، وبدلا من الاشادة بموقف عدم الحياد للحركات والذي جاء في نظري متأخرا، لزحف الدعم السريع إلى معاقلهم وحواضنهم الإجتماعية، بل على العكس تماما قاموا باتهام الحركات بأنها بهذا الموقف تجر دارفور لمستنقع الحرب القبلية والإثنية، وكأن ما فعلته الدعم السريع في دارفور والجنينة على وجه الخصوص ليس تطهيرا عرقيا ولا إبادة جماعية.
بعد هذا كله أجد من يحدثني على هامش المؤتمر بأن القبائل الإفريقية تدعم الدعم السريع، بل ويراهنني أمام الجميع بأنها ستدخل الفاشر قريبا!!، ويأتي لي أحد قيادتهم بعد المؤتمر متسائلا عن ما هو سبب كراهيتي للحرية والتغيير المركزي، وآخر يسألني عن سبب انحيازي للجيش!!.

الخلاصة أن الحرية والتغيير المركزي للأسف الشديد لم تعي الدرس القاسي في الحرب، وأنها مازالت عند مواقفها ولن تتغير، وتبقى عدم حضور ياسر عرمان وخالد سلك، وإعلان السفر إلى جوبا خلال أسبوع لمواصلة نفس هذا النقاش.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.