تعقيب على معتصم الأقرع.. هذه الحرب.. جـ.ـريمة الاخـ.ـوان !! (1-2)

0 114
كتب: د. عمر القراي

(وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)

صدق الله العظيم

إن الحرب التي اندلعت في السودان، في منتصف شهر أبريل، من هذا العام، فقتلت آلاف الأبرياء من الشيوخ والأطفال والنساء، وشردت الملايين، من المواطنين الأبرياء العزل، وحطمت بالطيران بيوتهم فوق رؤوسهم، ودمرت الكباري، والعمارات، والمستشفيات، والأسواق، وطالت قذائفها حتى بائعات الشاي في الأسواق الشعبية، إنما هي جريمة، جديدة، تضاف الى جرائم الاخوان المسلمين، في هذا البلد المنكوب. وهذه ليست أول جرائمهم، وإنما صعدوا الحرب في الجنوب، في التسعينات من القرن الماضي، وهللوا لها على اعتبار أنها الجهاد ضد الكفار!! ودمروا قرى بأكملها، وحرقوا فيها النبات والحيوان، مع العجزة والشيوخ والأطفال والنساء.. وبلغت ضحايا حرب الجنوب حوالي 500 ألف مواطن، وشردت وألجأت ما يزيد على مليوني مواطن. ثم اشعلوا الحرب في دارفور، وأنشأوا الجنجويد بقيادة موسى هلال، وحرقوا القرى، واغتصبوا النساء، وقتلوا الأطفال، وقدر الضحايا ب 250 ألف، والنازحين واللاجئين بحوالي مليوني مواطن سوداني، من أهالي دارفور. ولقد سجلت المنظمات الدولية ما جعل محكمة الجنايات الدولية، تتهمهم بالابادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم التطهير العرقي. ولسائل أن يسأل: لماذا صعدوا الحرب في الجنوب ؟ ولماذا إدعوا بأنها جهاد في سبيل الله، وجاء شيخهم بآخرة، وقال إنها ليست جهاداً، وإن من ماتوا فيها ليسوا شهداء؟! ولماذا اشعلوا الحرب في دارفور، ورموا جبال النوبة بالبراميل الحارقة، وقتلوا الأبرياء في جنوب النيل الأزرق؟ ألم يكن الدافع الوحيد، هو خوفهم من ان تتصاعد المعارضة عليهم، فتبعدهم عن السلطة، والثروة، التي ظلوا ينهبونها منذ أن قاموا بانقلاب يونيو 1989م ؟
لقد كان نظام الاخوان المسلمين، الغاشم، المستبد، يحكم البلاد بيد من حديد.. وفي يده كل الجيش، وأجهزة الأمن، والشرطة، ومليشيات الجنجويد، وكتائب الاخوان المسلمين الجهادية، ومع ذلك، لم تتوقف المعارضة ضده من الشعب السوداني. ولقد قتل المتظاهرين في كجبار، وبورتسودان، والعيلفون، ورمى بالسياسيين في المعتقلات. وابتدع صنوف التعذيب في بيوت الاشباح، وقتل المئات في انتفاضة عام 2013م، ومع ذلك لم يقل المناضلون الشرفاء، ما دام هذا التنظيم يملك الجيش، ولديه القوة، وقد بطش بنا مراراً، فلنتفاوض معه لنعيش في سلام، ونشاركه في انتخاباته الصورية، ما دمنا غير قادرين على هزيمته. نعم هنالك قلة من المثقفين، قالت ذلك، ومنهم من شارك النظام في حواراته الهزلية، ومنهم من ترشح مع البشير في انتخاباته، ولكن الشعب رفض هذا الاتجاه وسماه الهبوط الناعم!!

واستمر الشعب في نضاله السلمي المجيد، حتى اسقط نظام الاخوان المسلمين، بثورة ديسمبر العظيمة من العام 2018م. ولقد كانت تلك الثورة فريدة في تاريخنا المعاصر، وكانت شعاراتها وهتافاتها ملهمة. فلقد اكتشف الثوار، ما غاب على السياسيين، منذ فجر الاستقلال، وهو إن المشكلة الجوهرية، في هذا البلد، هي الاخوان المسلمين، فجاء هتافهم (أي كوز ندوسو دوس) !! ولما رأى الاخوان المظاهرات، وزخم الشارع، هربوا الى تركيا، وقنعوا من دولتهم، بسلامتهم الفردية، وسلامة بعض أموالهم التي هربوها معهم. ولكن السياسيين، بما فيهم قوى الحرية والتغيير، والأحزاب المتحالفة فيها، كانوا دون حجم المد الثوري في الشارع. وكانت قاماتهم، دون تطلعات وآمال الشعب العملاق، الذي قاد الثورة الفريدة. فجلسوا للتفاوض مع الجيش، ظناً منهم أنه جيش السودان، ولكنهم وجدوه يعرقل، كل مساعي نجاح الفترة الانتقالية، لأنه جيش الاخوان وليس جيش السودان!! ولما كان الاخوان المسلمون لا وزن لهم وسط الشعب، فشلت مقاومتهم الشعبية للثورة، فخرجوا في مظاهرات هزيلة سموها “الزحف” الأخضر، فسماهم الشعب “الزواحف” !! واعتصموا امام القصر، يحاكون اعتصام القيادة العامة، فسماه الشعب المعلم “اعتصام الموز” !! وحاولوا إخفاء السلع، واحداث مجاعة، وقطعوا طريق الشرق، وكل هذا لم ينجح، فلم يكن بد من أن يظهروا استغلالهم للعساكر، البرهان ومن معه. فقاموا بالانقلاب في 25 أكتوبر 2021م، وسلموا السلطة للاخوان المسلمين، ليقضوا على الثورة، بل ردوا لهم أموالهم التي استردتها منهم لجنة تفكيك النظام البائد، وحلوا اللجنة وسجنوا افرادها. والبرهان ليس أخ مسلم من الثانوي مثل علي عثمان، وكرتي، ولكنه لما كان معتمداً في دارفور، اصبح حسب قوانين تمكينهم، رئيساً المؤتمر الوطني بالمنطقة، واصبحوا هم قادته في التنظيم الديني، وفي الحزب السياسي، ومنذ ذلك الحين ركبوه، يسوقونه حيث شاءوا، حتى يومنا هذا !! بل جعلوه ينفذ توجيهات الايفاع، الموتورين أمثال “الانصرافي” و ” ذا النون ” وغيرهم. ولهذا يوافق على إيقاف الحرب، ويقول أنه سيوقع على السلام، ثم يناقض نفسه، ويشيد ببيان الايقاد في الاجتماع، ثم يوجه وزير خارجيته لينتقد البيان الذي أشاد به!! وهكذا جعلوه مسخة ومسخرة في المجتمع الإقليمي والدولي.

كتب الأستاذ معتصم الأقرع (لنفترض أن قحت على حق : أي إن اخوان المؤتمر الوطني يسيطرون على الجيش ويتسببون في استمراره وهكذا تصبح هذه حرباً ضد جيش يسيطر عليه الاخوان اذا كان هذا صحيحاً فإن قحت امام خيارين الأول هو التفاوض مع اعدائها الذين يسيطرون على الجيش اذا كانت جادة في أولوية السلام لأنه بحكم التعريف فإن الجماعات تصنع السلام مع اعدائها ولا احد يصنع السلام مع أصدقائه وتسهيل السلام عن طريق التفاوض مع العدو هو ضد وعكس رفض قحت اشراك الاخوان في محادثات السلام) أول ما تجدر الإشارة اليه، هو أن قوى الحرية والتغيير، ليست حركة مسلحة. وهي لم تدخل مع الاخوان المسلمين في حرب، حتى تفاوضهم على ايقافها، وإن خلافها معهم هو خلاف فكري وسياسي. أما الجهة التي تحارب الاخوان المسلمين الآن، وجيشهم، فهي الدعم السريع. وهذه الجهة لا يستطيع الأقرع أن يطالبها بالتفاوض لايقاف الحرب، لأنها تريد التفاوض، وارسلت مندوبيها أكثر من مرة. ولكن الاخوان هم من يرفض التفاوض، وهم من لا يريد السلام، وهم الذين رفعوا شعار (بل بس) حتى سماهم الشعب (البلابسة)!! ثم إنهم هم من اشعل هذه الحرب، وهم من كان يهدد بها في افطاراتهم الرمضانية، وهم من صرحوا بأنهم لن يدعوا الاتفاق الاطاري يمر، بعد أن وقع عليه البرهان وحميدتي، ورغم سعي المجتمع الإقليمي والدولي للسلام، حتى اجتماع الايقاد الموسع الأخير، رفضت حكومتهم بيان الايقاد !! فلماذا لا يخاطب الاقرع الاخوان المسلمين ويدعوهم للتفاوض وإيقاف الحرب إذا كان من دعاة السلام ؟!

ولما كانت قوى الحرية والتغيير، ليست طرفاً في الصراع المسلح، فهي لم ترفض اشراك أي طرف من المتحاربين، في التفاوض بغرض وقف الحرب. بل دعت المتحاربين لذلك منذ أول اندلاع الحرب. ولكنها رفضت على الصعيد السياسي، اشراك الاخوان المسلمين، بعد كل هذه الجرائم ضد الشعب السوداني، في أي محادثات بخصوص الحكومة المدنية، في الفترة الانتقالية. واذا كان الاخوان المسلمين قد اشعلوا الحرب، والحقوا بالشعب كل هذا الدمار، حتى يوقفوا الحكومة المدنية، ويستعيدوا حكومتهم التي اسقطتها الثورة، فإنهم بالفعل لا يستحقوا المشاركة السياسية، بل الحق أن الشعب السوداني يجب ان يقاطعهم حتى اجتماعياً، حتى يعزلوا تماماً عن الوطن، الذي سعوا في خرابه بكل سبيل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.