دبـلـومـاسـيـة التـعامـل مـع مـلـف سـد الـنهـضـة ما بيـن الـيـوم والأمـس

0 88

كتب انور إبراهيم (كاتب إثيوبي):

بات الملف الذي أوشك علي النهاية “ملف سد النهضة الإثيوبي الكبير “، أن يشتعل مرة أخري ويصل الي أقصي درجاته وأكثر من ذي قبل ،ومابين هذا وذاك بدأنا نري من البعض فقدان الأمل في أنه يمكن ان يتم التوصل لأتفاق ،حول أيا من بنود هذا المف الشائك و علي الرغم من أن هذا الملف شهد سنوات عصيبة خلال الأعوام الماضية ،وظل الملف يتأرجح مابين مطالب ورفض وتعنت وتدخل ،للدول التي ترأي أن السد سيعمل علي خصم نصيبها من المياه ،علي الرغم من أن هذا الحق التاريخي في حد ذاته يعتبر موجة خلاف لأ يمكن أن تنتهي مهما طل الزمن ،والتي منحت اياه ابأن الفترات الأستعمارية والتي عملت علي الأجحاف في حق دول لحساب دول أخري .
خلال فترة تسع اعوام ظللنا في حالة من الشد والجذب فيما يخص التصعيدات الأعلامية ، والتي لم تقدم ولم تعمل سوي علي إثارة القطيعة والخلأف ، وأحيانا أستغلال الملف من قبل قوي أخري لها مأرب أخري في المنطقة ،وظلت تعمل علي أستخدام هذا الملف مابين الحين والأخر من أجل مصالحها ،ولم تعي شعوب تلك الدول أن المياه قد تكفي كل من خلقه الله علي هذه الأرض من بشر وكائنات ،وظلت الحكومات تتهجس وتدخل في خلأفات تنبأ لها الخبراء أن تصل لمراحل الحرب ،وليس مرة أو مرتين بل كانت عدة مرات عقب الأعلان عن فشل كل جولة من قبل ايا من الحكومات الثلاث .
ظل الملف معلقا مابين التفاوض ونتائجه التي تحققت وفتيل قابل للأشتعال في اي مكان وزمان ، ومابين التعصيد والوعيد والتهديد ،كانت شعوب الدول الثلأث وأمالها معلقة مع حكامها ومسؤوليها من وقت لأخر ، وما أن صدر تصريح من احدي الدول حتي كانت الاًصوات تتعالي في وسأئل الأعلأم .
أحيانا ينتابني نوع من الشك في أن حكوماتنا أيا كانت تستغل هذا الملف أستغلالأ سياسيا ،والأستغلال ربما يكون سياسيا أو كنوع من الدعاية التي تسعي الحكومات من خلاله لأسكات أصواتا ما ،وقد يكون حالة من التوجيه التي تعمل بموجبها بعض القوي الإقليمية والدولية لأثارة هذا الملف في الوقت الحالي ،لشئ ما قد يتغير في المنطقة التي تعتبر سريعة التأثر بكل ماهو دولي وأقليمي ،وشهدنا من قبل جهات حاولت أن تقف الي جانب إثيوبيا أو الي جانب مصر، خلال فترة السنوات التسع التي مرت علي عمر سد النهضة منذ وضع حجر الأساس في ابريل 2010وحتي يومنا هذا ،ولكن الشعوب قد تتحمل العبئ الأكبر من هذه التصرفات التي قد تدخل في حالة من اليأس وعدم الأمان لدي بعضها ، والتخوف من المستقبل لدي الأخر ،وهنالك أناس بسطاء لأيعرفون ماهي الأتفاقيات او المبادئ التي وقعت عليها إثيوبيا او مصر او السودان،والتي تعتبر عبارات منمقة لكبار المحللين والخبراء الذين لسان حالهم ،اغنية واحدة تتكرر كلما تكررت الخلافات فيما يخص ملف التفاوض الخاص بسد النهضة .
ملف السد داخليا وخارجيا
كانت هناك جهودا كبيرة لدعم وتمويل سد النهضة حتي فترة رئيس الوزراء السابق هلي ماريام دسالنج ،وبعد جهود شعبية كبيرة أقرت الحكومة ان تمويل سد النهضة قد أكتمل ،وهنالك تصريحات للحكومة في تلك الفترة ،حتي باتت لدينا قناعة أن هذا السد لن يتوقف للحظة وان الجهود تسير بصورة كبيرة ،ولكن بعد ان تغير الموقف السياسي في إثيوبيا ، وظهور تيار التجديد والأصلأح بقيادة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي ،بدأت بعض الأشياء تلوح في الأفق ،منها التحركات الأخيرة التي قامت بها الحكومة من اتهامات لعدد من القيادات منها قيادت المؤسسة العسكرية وشركة الأنشاءت الهندسية والحديدية التابعة لوزراة الدفاع الإثيوبية “ميتيك “، والتي كانت تعمل في السد كشريك في عدد من الأعمال ،والعديد من الأقسام مثل تركيب الأعمال الحديدية في السد وبعض الجوانب الخاصة بتركيب التوربينات ،وتنظيف المناطق المخصصة للبحيرة من الغابات والأشجار .
وتلك العمليات التي أعادت التحركات الخاصة بالسد الي مرأحل الصفر ،والتي يمكن أن نراجعها من خلال نقاط محددة ،أولا فيما يخص تراجع العديد من الأعمال وأعلان الحكومة أن هنالك بعض المشاكل الفنية ،وهي الخطوة التي لم يتم تحديدها من قبل الخبراء والمتابعين لموضوع السد من حيث أهميتها في تلك الفترة ،هل هي لضرب القيادات القديمة أم لتهدئة الجانب المصري وكسب دعم للحكومة في وقتها ،أم أن الحكومة لها اهداف بعيدة المدي تسعي لوضعها من خلال تأخير بناء السد والذي كان قد توقف لفترة طويلة ،وهي الخطوة التي لم تحدث منذ أن بدء العمل في بناء السد في ابريل من العام 2011 .
الخطوة الثانية هي عمليات الفساد التي أرتبطت بضياع أموال كبيرة من تمويل السد ،حيث عادت الحكومة مرة أخري بعد ان كانت قد اعادت العديد من الأموال الي المواطنين وهي عبارة عن الأسهم التي قاموا بشرائها من قبل ،وعادت الحكومة الإثيوبية ممثلة في مجلس تنسيق المساهمة الشعبية لدعم سد النهضة الإثيوبي الكبير “مؤسسة حكوميةت هتم بتوفير الدعم والتمويل للسد ” للبحث عن تمويل السد من قبل الشعوب الإثيوبية مرة أخري” ،وكانت قد أوقفت العديد من الدول والجهات المانحة بحجة أن السد قد أكتفي ماليا “زيارة وفد سعودي لسد النهضة “.
وهنالك الخطوة المهمة التي قام بها رئيس الوزراء من اداء القسم امام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارته للقاهرة ،حيث اخذ هذا القسم وكأن ابي أحمد يتحدث عن ملك خاصة به وليس بالشعب الإثيوبي ،فكانت بعض وسائل الأعلام المصرية قد أكدت ان أبي أحمد قد أدي القسم ولأيمكن أن يكون له راي أخري ،وتناست أن القرار ليس لأبي أحمد بل هو قرار شعوب لها برلمان يمثلها ويناقش قضياها المصيرية ،وان مشروع مثل هذا يعتبر حلما يراود شعوبنا منذ أمد بعيد ،وبعد أن تجدد الموقف عقب أجتماعات واشنطن ،كان هنالك حالة من الأستغراب حول القسم المؤدي من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي ، والذي يعتبر في حد زاته خطا كبيرا ماخوذ علي حكومتنا ،اذا كانت الكلمات التي تكررت في ادءا القسم عبارة عن تمثيلية ليس إلأ ،وانه لأيمكن أن يقوم رئيس وزراء له مسشارين اكثر دراية بـأهمية السد ومعني القسم في مثل تلك اللحظات .
ومع مرور الوقت كانت أن شهد الملف تحركات كبيرة ،وتطورات لم تكن في الحسبان حيث كانت قصة أنتحار المدير التنفيذي لسد النهضة الإثيوبي الكبير المهندس سمنجو بغلي ،في وسط احدي ميادين العاصمة الإثيوبية أديس اببا “ميدان الصليب”،في واقعة تعتبر الأغرب لدي مجتمعاتنا وخاصة من قبل مسؤول كبير ،والي يومنا هذا لم نستمع لمعلومات جديدة حول هذا الموضوع للعلم أن هنالك بعض الأصوات التي تري أن هنالك أيادي خفية في موضوع مقتل سمنجوا بغلي .
وخلال هذا الأسبوع وفي لقاء له عبر موقع إثيوفورم علي اليوتيوب ، الذي أجراه الصحفي الجرئ يايوسوشملس ،قال وزير الخارجية الإثيوبي الأسبق سيوم مسفن وعرأب الدبلوماسية الإثيوبي “وزير خارجية لأكثر من عشرين عاما “،مؤكدا أن هنالك بعض الأيادي التي تلطخت بدماء المهندس سمنجو بغلي ، وافرد في حواره نقاط عديدة حول ملف سد النهضة الإثيوبي الكبير ،واكد أن الملف شابه العديد من التجاوزرات ابتداءا من رحلة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد للقاهرة ، والغاء جولة لوفدين إثيوبيين لدول أفريقيا لأقناعها للتوقيع للتصديق على الاتفاقية الإطارية الشاملة الخاصة بمياه النيل ، وعرض اللقاء العديد من الحقائق والتجارب التي مرت بها البلاد منذ العام 1996 ،والتي كانت مرأحل وتحديات لتوقعات كل مايطرأ في ملف سد النهضة قبل أن يتم بنائه ، ووضع كافة التحوطات في التحديات الخارجية والدبلوماسية التي قد تواجه إثيوبيا بخصوص سد النهضة الإثيوبي الكبير .
الجولأت الأخيرة من التفاوض
تعتبر الجولات الأخيرة لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي ،كانت الأكثر تعقيدا في ظل تكتم حكومات الدول الثلاث ،فيما يخص كافة النقاط والتدابير التي تتعلق بالتفاوض ، التي كانت رأي الحكومة الإثيوبية في بأدي الأمر أن الدور الامريكي ووزارة الخزانة الأمريكية مجرد مرأقب وليس وسيط ،وذلك بعد أن رفضت إثيوبيا أن يكون الملف في يد الخارجية الإمريكية ،ولكن أتضح أن الحكومة الإمريكية تلعب أدوارا أكثر من كونها مراقبا ووسيطا فقط بل كان الأجدي أن يسمي الدور” بالوصايا”ن واتضح ذلك جليا عقب طلب إثيوبيا تأجيل أخر جولة أو أرجائها حتي تنتهي من مشاوراتها مع خبرائها الفنيين ، وقامت بأرسال مبعوث خاص لكل من القاهرة والخرطوم وخطابات للحكومة الأمريكية ، ولكن البيان الخاصة بالخزانة الأمريكية كان كالسقم في جسد الحكومة الإثيوبية ،حتي تاكد ان الدور الأمريكي ماهو الأ جهد داعم للحكومة المصرية التي أستطاعت دبلوماسيا أن تكسب الجانب الإمريكي خاصة بعد أن قامت كل الدول بأخراج بياناتها المتعددة ،وأضف الي ذلك بيان الجامعة العربية الذي دائما مايتحدث كان الجامعة ملكا لمصر ويحاول أن يقحم ملف سد النهضة ضمن أهم الملفات التي تهم العرب ،وأستطاعت الدبلوماسية المصرية أن تؤجج الدول العربية ضد إثيوبية ،وتحاول أن تحرك بعض الدول الأفريقية التي ظلت واقفة ولم تحدد مع من تقف سوي بعضا منها فقط ،والتي لها مأرب أخري مستقبلا في مياه النيل ، وتري أن إثيوبيا قدوة لها ويمكن أن تواجه بمثل تلك التحديات أن اقدمت علي أنشاء أي مشروع علي مجري النيل في ظل التهجسات المصرية ،التي تعتبر أي مشروع يهدد أمنها المائي .
مابين حالة الشد والجذب هنالك من يري أن الحرب قد تشتعل مابين الدولتين في أي وقت بسبب المياه ،ولكن يظل الوقت يؤكد أن فترة الصراعات لنيل مكاسب عامة أو خاصة قد أنتهت الأن فلأبد من التفاوض مهما كلف الملف تحديا وتعنتا وخلافا لفترات طويلة ،المرأحل القادمة قد تواجه شعوب النيل تحديات أخري أكبر من قدرة حكوماتها ،وعلي حكوماتها أن تكون قادرة علي مجابهة أي خلاف في أي وقت ،وتعمل علي خدمة شعوبها .
المرحلة القادمة تتطلب من الحكومات الثلاث المرتبطة بملف سد النهضة أن تعمل علي تقديم كافة التنازلات ،من أجل التوصل لأتفاق يخدم مصالح شعوب الدول الثلاث ،وليس التمسك بمطالب متجددة من جولة لأخري واعتقد أنه من الصعب لكل من مصر والسودان وإثيوبيا أن تغلق هذا الملف هكذا دون التوصل الي أتفاق جدي ،وأيفاق أي تحركات قد تعيق التوصل لأتفاق مثل حشد الدول أو تصعيد الخلاف في وسأئل الأعلام ،وهنا لأبد من أن لا يكون للوسطاء دور وخاصة بعد ان أتضح عدم تفهم الولأيات المتحدة لقضايا المنطقة وأهمية مثل تلك المشاريع لشعوب القارة ،وأن الولأيات نظرتها لمثل تلك الملفات كورقة ضغط سياسية قد تحاول أن تستخدم بعض التوجيهات واللعب بورقة الدعم والقروض .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.