طارق الأمين: من أبكرونا إلى “الشعب السوداني المهذب والمثقف والعزيز”

0 172

كتب: د. عبد الله علي إبراهيم

أسعدتني عودة الأستاذ طارق الأمين، مؤسس فرقة الهيلا هوب، إلى واجهة الإعلام بأهزوجته عن أبكرونا والكرونا. ومعلوم أن طارق شقي بإجراءات إنقاذية أغلقت “بيت الفنون”، الذي أنشأه على شارع المغتربين بالخرطوم بحري، بالضبة والمفتاح. وكان البيت ملتقى صَدح بأغان الحقيبة كما لم يصدح موضع. وتصدر طارق “نفير المدارس” وما يزال. حمداً لله على سلامته من “الغميلة” وعودته يغرينا بالعذوبة لسبل العافية. وهذه كلمة عنه في 2012 تحية لقصيدته، “نحن جينا”.

وددت لنعاة السودان أن يتنسموا عبير النبأ الطيب الفاح من رياه. فقد الجمتني الدهشة لكتاب كثيرين في المهاجر سقموا الوطن و”قنعوا” من خير فيه طالما حكمته الإنقاذ. وترخصوا. وقبلوا أن تنتقص أطرافه بقوة أجنبية في كتابات نافدة الصبر يائسة يتبارى الكاتبون بحثاً لها عن عنوان طريف ونبأ خاسر. وبطل عندهم الوطن من فرط ما ذهبت الإنقاذ برجاحتهم وحلت عقدة رباطة جأشهم.
من ضفة الوطن الأخرى المُنتظر يأتينا النسام.
بثت الأسافير قبل أيام أغنية جديدة في حب الوطن لطارق الأمين. وقد وصف طارق أغنيته بنفسه. فهي مثل الأم التي “تمسح من حناجرنا العويل” أو بعض تلك الأنامل التي “ترسم صورة الوطن الجميل”. لقد رثى لنا للمرارت تحتوينا وتسهدنا “الغنيوات الحزينة”. وجعل من هذه المرثية لازمة في الأغنية بغير تهافت. فالإغنية مشرقة بالسودان كشمسه في كبد السماء. فالبلد محروسة:
نحن ما الشعب السوداني
المهذب، المثقف، العزيز
جينا يامدينة
ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. فإن جار الزمان تجرعنا غصصه بالأغنية والتهاليل:
نحن من تلك المعاني الراكزة من شعر الخليل
جينا يا مدينة
ونحن: عشاق الأغاني يلا يا رشا ياكحيل
جينا يا مدينة
نحن مداح الخلاوي البضوو الدنيا ليل
جينا يا مدينة
والحرب ب”الحقيية” والأمل مما أبدع في تصويره المرحوم زين العابدين الهندي في أوبريته العظيم عن الوطن. فقد خص، من غير سابقة، أغنية الحقيبة و”صعاليكها”، بمقطع مؤثر لولههم بالسودان يتفصد له الفؤاد وتندى العين. وهذا سلاح المستضعف ينهض به من رماد هزائمه.
طوال ليل الغاضبين واليائسين الإنقاذي كان طارق “فانوس بندر” لم يهدأ له أوار من الغناء الرطيب للوطن.
وجينا المدينة واستعدناها من الأشرار وي وي وي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.