همسة في أذن الفريق حميدتي

0 104
كتب: جعفر عباس
طلع علينا مؤخرا، ف. أ. محمد حمدان (حميدتي) عبر شاشة سودانية 24 ليستنكر ما قال ان هناك من يسعى لتصويره وقوات الدعم السريع كشيطان، ثم قال كلاما كثيرا عن إنجازاته الباهرة في الشهور الماضية، وحقيقة الأمر ان الدعم السريع استحق الشيطنة بعرق جبينه وبدماء زهرة شبابنا، فلا حميدتي ينكر ولا زملاؤه العسكريون ينكرون ان من فضوا اعتصام القيادة العامة وارتكبوا ابشع مجزرة هم من “الدعم السريع”، وكان اكثر من قالوا ذلك صراحة الفريق ياسر العطا متبوعا بحديث عن ان تلك القوات كانت تتألف من مجندين في الدعم السريع تم استغلالهم واستغفالهم، ولو صدقنا بذلك فلنا ان نتساءل ولماذا ظلت قيادة تلك القوات والقوات المسلحة عموما بعيدة عن مسرح الجريمة وقد ظل القتلة وأمام أعين الكاميرات يواصلون الحرق والسجل وإذلال الأحياء من المعتصمين بوحشية مهينة لساعات طوال، أي يا السيد حميدتي قواتك جلبت الشيطنة على نفسها واستباحت العاصمة المثلثة ما بين 3 و30 يونيو، حيث مارست صنوفا من العسف والبطش لم تعرفها مدننا من قبل.
ما لفت الانتباه في ذلك الحديث التلفزيوني أنك كنت تتكلم وكأنما أنت مجرد مراقب لشؤون الحكم وليس الرجل الثاني فيه، فقد قمت بكيل النقد والاتهامات لمؤسسات الحكم من طرف: فالحكومة على بعضها فاشلة، ونحن غير مدركين اننا نعيش في غابة مليئة بالوحوش على حد تعبيرك، وبعض أعضاء المجلس العسكري تآمروا عليك، وليس في مجلس الوزراء من يملأ عينك سوى رئيسه حمدوك، وقادة قوى الحرية والتغيير مهرجون جهلة حضروا معك اجتماعا وهم يهتفون مدنياااااو بصبيانية ونجحت انت في احراجهم واسكاتهم عندما طرحت عليهم أسئلة عن الأوضاع الاقتصادية فتبكموا، ثم شككت في كفاءة وزير الصحة عندما قلت ان معينات مواجهة الكورونا متوفرة ولكن (…..)، أما حديثك عمن أحرجكم بالزعم بان عباس البشير معتقل فهو زميلك وعليك به، وعليك أيضا كشف أسماء من قاموا بتهريب العباس ولا يليق بك ان تقول انك تعرف الكثير عن كذا وكذا ولكن وقت كشف التفاصيل لم يحن بعد.
وتكلمت أحيانا وكأنك مؤسسة قائمة بذاتها: فأنت صاحب الأفكار والأموال التي عالجت وضعا اقتصاديا حرجا،، وأنت وقواتك من منع 13 دبابة تحركت بذخائرها لفض الاعتصام بقوة النيران (ولكنك لم تقل لنا ماذا كان جزاء العساكر المتمردين الذين شاركوا في ذلك التحرك، ولا من هم، وعلى كل حال فقد نفى من كانوا قادة سلاح المدرعات وقتها حدوث أمر كذلك) وانت غير الراغب في السلطة وما قبلت بعضوية مجلس السيادة الا بتحنيس من البرهان ثم قبلت رئاسة لجنة الطوارئ الاقتصادية بتحنيس من حمدوك، وسؤال بريء: إذا كنت فعلا عازفا عن السلطة لماذا الحرص الشديد على الظهور الإعلامي والاستنجاد بكتائب من المستشارين والإعلاميين لإنشاء منصات تتولى تلميعك؟ لماذا هناك تنظيمان يسميان: كلنا حميدتي/ ورجال حول حميدتي؟ ولماذا كنت انت دون غيرك من العسكريين وفي خلال انفراد المجلس العسكري بالسلطة من جمع وخاطب أحزاب الفكة وفلول الكيزان ورجالات الإدارة الأهلية في قاعة الصداقة وأرض المعارض وحشد الحشود في الريف الشمالي وشرق النيل؟
أما عن استنكارك بقاء قادة النظام السابق في السجن بلا محاكمة لسنة كاملة، فلابد لنا ان نستنكر أيضا عدم محاكمة من اتهمتموهم بثلاث محاولات انقلابية خلال الشهور القليلة الماضية ومن بينهم رئيس هيئة الأركان وقادة تمرد هيئة العمليات (وبلاش من موسى هلال)
من حقك ان يكون لك طموح سياسي، وجماهير الثورة مدركة انه لولا رفضكم فض المظاهرات وانحيازكم للثورة في ابريل 2019، لكان التغيير أعلى كلفة مما حدث، وتنظر بتقدير لجهودكم لتحسين أداء وسمعة قوات الدعم السريع، ولكن ليس من حق احد ان “يمُنّ” على الثورة والثوار، فالثوار هم الطرف الأقوى في المعادلة السياسية، ولولا بطولاتهم وتضحياتهم لما كان هناك مجلسا سيادة ووزراء، ولا يحسبن احد ان الثورة توقفت لأن جماهيرها في حالة سكون وكمون امتثالا لتوجيهات تفادي الكورونا، وستظل أقوى من الحكومة بجميع هياكلها وهي وحدها من يستطيع تعديل مسار الحكم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.