كلنا نيرتتى: ورطــــة التفصيــــل على مداس الخرطـــوم!
كتب: آدَمْ أَجْــــــــــــــرَىْ
ثمان وأربعون حالة قتل وأغتصاب وأذى جسيم، نهب مركبات وحمير بضائع، ركاب، دراجات هوائية، هواتف، وما قارب المائة من الأغنام، نقل الغير وبيعها فى الأسواق _هذه حصيلة شهرى مايو ويونيو من هذا العام_ وقعت فى جغرافيا محدودة تضم نيرتتى، جلدو، كيبى، قرنى، كترم وأوديو. وهى الحالة بعد مرور سنة وستة أشهر على إنطلاق شعار: كل البلد دارفور. فهل كان أصحابه صادقين فى مساعيهم إلى طرد شيطانها من وكره، أم كان نوعاً من الصراخ الذى يتبدد ويذهب مع الريح؟
بحسن النوايا سنقول: أجل كانوا صادقين، يعنون ما ينطقون به، وعندئذ سنكون فى وضع نمدد فيه أرجلنا كى نتهم الممسكين بملف دارفور فى تحالف (قحت) بأنهم يعملون بأدوات بدائية.
من إرتضى بهم الشعب قادة للثورة، فات عليهم الأخذ فى الإعتبار، أن كثافة مشاركة شباب دارفور وشاباتها فى المسيرات، وبروز عشرات الرموز المستمية منهم فى إعتصام القيادة، كان فى المقام الأول خدمة لقضيتهم الإقليمية التى أكتووا بها لعقدين كاملين.
قصر النظر المقرون بسوء التقييم؛ وورطة تفصيل كل مداس على مقاس الخرطوم، جعلهم لا يرون خطورة فى التضييق على حليفتهم الجبهة الثورية، الأكثر قدرة_مع غيرها_ على المناورة فى حافة الجرف الدارفورى. لقد كانت حليفاً لا يقدر بثمن، معها على الأقل، ما كانت ثمة حاجة اليوم إلى إجراء تعديل وزارى أو توسعة المجلس السيادى، ولا أزمة الولاة عسكريين.
أداء هذا الإعتصام سيكون تصاعدياً_أو متنقلاً بين مدن_ بدأ اليوم بمطالب محدودة؛ منها تغيير الإدارة الحالية للمنطقة، جمع السلاح من المليشيات، حماية المواطنين ومواشيهم وموسمهم الزراعى، محاكمة الجناة وفتح المسارات لمنع الإحتكاك. أما عناصر التضخيم، فهى وفود نيالا والفاشر ومدن أخرى والخرطوم التى تأخذ فى التقاطر عليه، معها ستعود نفس قضايا إعتصام القيادة إلى السطح، تعلو أسقف المطالب، ترتفع الرايات بالقضايا الحقيقية المتمثلة بالعدل الإجتماعى، السلام الدائم، عودة النازحين إلى قراهم، إستعادة الحواكير، التعويضات والمحاسبة على الإنتهاكات الجسيمة التى وقعت، والمطالبة بتسليم كبار المتهمين بإرتكابها إلى المحكمة الجنائية الدولية، عندئذ سيعود عبدالواحد محمد نور_من جديد_ سيداً للساحة. والمنصة ستكون من السعة بحيث تستقبل قضايا وطنية متنوعة، ما أفلتت فى الخرطوم، أو طمست فى أديس أبابا، أو أسقطت فى جوبا، ستجد لها إطلالة جديدة فى إعتصام نيرتتي أو غيره، وسنشهد نسخة أخرى من ثورة الأقاليم.