الهواتف اللعينة

0 90
كتب: طلحة جبريل
***
يقول أحد رؤساء تحرير وكالة “أسوشيتد بريس” “حين يأتي النداء في منتصف الليل، يكون على الإطفائي أن يرتدي ملابسه بسرعة وإطفاء النار، أما الصحافي فعليه أن يخبر آلاف شخص على الأقل من أشعل عود الثقاب ولماذا”. هذا يعني أن النجاح في الصحافة هو قدرتها على نشر المعلومات. أرجو أن يتسع صدر رفاق المهنة ، لأقول إن قاعدتين أساسيتين في كتابة الأخبار لا تحترمان وهما قاعدة “توثيق” الأخبار بإسنادها إلى مصادر، ثم قاعدة “التوازن” بحيث نجد فيها وجهات نظر جميع الأطراف،حتى نطمئن الى مصداقيتها.
ظني أن الصحافة في أي بلد، وبالتالي الأخبار والأحداث، هي جزء لا يتجزء من الحياة السياسية في ذلك البلد. والصحف لا تصدر وتنشر تعبيراً عن الآراء والرغبات الذاتية لمحرريها، وإنما تصدر وتنتشر عندما تعبر عن آراء ومصالح أوسع وأكبر لقوى وتيارات اجتماعية.
ثم أن حرية الصحافة لا تتأكد بمجرد الإعلان أو الحديث عنها، وإنما تتأكد حين تكون الآراء والمصالح التي تعبر عنها اي صحيفة قادرة على حماية حقها في التعبير عن نفسها. كما أن تعدد القوى في المجتمع، ودرجة هذا التعدد وفق مرحلة التطور الاقتصادي والاجتماعي والتوازنات الناشئة عنه هو الذي يخلق امكانية تنوع الآراء تعبيراً عن تعدد هذه القوى. كانت دراسة نشرت في وقت سابق في “بي بي سي” قد أفادت أن الوقت الذي يقضيه المستخدمون في منصات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم ارتفع بنحو 60 في المئة في المتوسط على مدى السنوات السبع الأخيرة، وهو ما أثر على قراءة الصحف ورقية واليكترونية. وبادرت مؤسسة “غلوبال ويب إندكس” البحثية بتحليل بيانات من 45 من أكبر دول العالم في “أسواق الإنترنت”، ورأت أن الوقت الذي يكرسه كل شخص لمواقع التواصل الاجتماعي أو تطبيقاتها ارتفع من 90 دقيقة يوميا عام 2012 إلى 143 دقيقة في العام الماضي، وهناك تكهنات بأن الرقم ارتفع كثيراً في هذه السنة خاصة بعد الحجر الصحي.
في أميركا اللاتينية، حيث أكبر عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عالميا، يبلغ متوسط الوقت يوميا 212 دقيقة.في المقابل، فإن المعدل الأدنى إقليميا في الوقت المنقضي على وسائل التواصل الاجتماعي هو في أميركا الشمالية (كندا والولايات المتحدة) 116 دقيقة. ويتصدر الفلبينيون قائمة الشعوب التي تقضي أكثر الأوقات على وسائل التواصل الاجتماعي.
يحذر الخبراء من أن قضاء وقت أطول على وسائل التواصل الاجتماعي على شاشات الهواتف الذكية مرتبط بسلسلة من مشكلات الصحة النفسية.ويعتقد أن الأشخاص الذين يقضون وقتا أطول في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هم أقل سعادة، وإن الاستخدام المفرط لهذه التقنية يمكن أن يورث مشكلات، قد تصل في بعض الحالات إلى الاكتئاب، بل وحتى الإنتحار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.