سقط هُبل !

0 78

كتب: زهير السراج

 

* ضجت الاسافير غضباً على عزل وزير الصحة السابق (أكرم على التوم)، وتنادى البعض لإقامة مليونية بغرض إعادته للمنصب الوزاري، وواجه المؤيدون للقرار الاساءات واتهامات الكوزنة وخيانة الثورة، وعبارات من هذا النوع!

* كما صدرت تصريحات وبيانات من قادة أحزاب وسياسيين بأنهم لم يعلموا بالتغيير قبل حدوثه وطلبوا عودة بعض المستقلين الى مواقعهم، ولقد قرأت بياناً للإمام (الصادق المهدي) يدعو فيه وزير المالية المستقيل بالعدول عن الاستقالة والعودة الى منصبه، رغم قبول رئيس الوزراء للاستقالة وتكليف وكيلة الوزارة بالقيام بأعباء الوزير الى حين تعيين وزير جديد، ونفى القيادي بالحزب الشيوعي وقوى الحرية والتغيير (صديق يوسف) لإحدى القنوات الفضائية علمه بالتغيير، بينما أكد الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني وعضو تنسيقية قوى الحرية والتغيير (خالد عمر سلك) بأن قوى الحرية والتغيير كانت على علم بما حدث !

* كل ذلك، لن يغير من الأمر شيئاً، فالذين استقالوا أو أقيلوا لن يعودوا الى مواقعهم مجددا مهما حدث، لسبب في غاية البساطة هو أن عودتهم تعني مغادرة رئيس الوزراء لمنصبه، ولا أعتقد أن ذلك سيحدث، ولا احد يستطيع أن يضغط عليه لإعادتهم وتجريده من حقه الدستوري في اختيار واعفاء وزرائه او قبول استقالاتهم !

* صحيح أن الوثيقة الدستورية كفلت لقوى الحرية والتغيير في المادة (14 ) تقديم قائمة بأسماء المرشحين للمناصب الوزارية، ولكنها كفلت حق التعيين لرئيس المجلس، كما انها كفلت له في المادة (17 ) إعفاء الوزراء وقبول استقالاتهم، وهو ما يعطي رئيس الوزراء كامل السلطة في اختيار الوزراء وإعفائهم وقبول استقالاتهم، ولا يمكن لأحد مَهما كان موقعه أو مركزه السياسي أن يفرض عليه العودة عن قراراته، وبما أنه اعفى وزير الصحة وقبل استقالة بقية الوزراء فلا مجال لعودتهم خاصة مع حديثه بان التغيير تم بناءً على تقارير لجان تقييم الأداء، إلا إذا اراد أن يتخلى عن سلطاته وصلاحياته، وفى هذه الحالة فانه لن يكون مؤهلا لشغل المنصب، ويجب أن يستقيل لحفظ ماء وجهه!

* لا مجال لعودة (البدوي) أو (اكرم) أو غيرهما حتى لو كانوا عباقرة زمانهم أو أخطأ رئيس الوزراء في قراره، فلقد (سبَّق السيفُ العَزَل) كما يقولون .. وهو مَثَّل قديم يعني أـنه لا فائدة من العتاب (العزل) في أمر قد حُسم .. وعلى الذين يتنادون لإقامة مليونية لإعادة (أكرم) أو يطلبون من المستقلين العودة عن استقالاتهم ان يوفروا مجهودهم لحدث آخر، أفضل وأفيد .. قضي الأمر الذى فيه تستفتيان!

* لا يختلف اثنان على ثورية اكرم وحماسه، ولقد تزاملنا سويا في التحالف الديمقراطي بحي بيت المال بأم درمان قبل اكثر من ثلاثين عاما، وأعرف حماسه ثوريته، ولكننا لسنا في حاجة الى ثائر فقط، ولكن الى ثائر وفى نفس الوقت ادارى خبير ووزير صحة يعرف كيف يوظف ثورته وخبراته لتحقيق المطلوب منه وتقديم خدمة صحية تخفف ألم المواطن لا أن تزيده. ماذا يستفيد المريض من ثورية أكرم وهو يعانى ولا يجد جرعة دواء تخفف عنه، أو مستشفى تضمد جراحه أو تنقذه من نوبة قلبية أو نوبة أزمة في وضح النهار دعك في منتصف الليل ؟!

* الحياة لا تتوقف لموت أحد دعك من إقالته أو استقالته، وليس هنالك مجال لعبادة الأصنام وتأليه الأشخاص، وهو ما علينا ان نفهمه في عالمنا الثالث الذى يؤله الأشخاص ويجيد صناعة الأصنام والطغاة ثم يعود ليذرف الدموع من ظلمهم وطغيانهم. يجب ان نبني حياتنا في كافة المجالات وليس في السياسة فقط على المؤسسية والمنهجية وليس على الأشخاص، حتى إذا غادروا او رحلوا سارت الحياة سيرها الطبيعي، وإذا لم ترسخ الثورة هذه المفاهيم في عقولنا وطريقة تفكيرنا ومناهجنا وتصبح منهجا لحياتنا، فإنها لا تكون ثورة ولا فائدة يرجى منها، وعلينا ان نستعد لثورة رابعة وخامسة وعاشرة ومليون الى ان يحدث التغيير الحقيقي الذى ننشده أو تنتهى الحياة بخيرها وشرها ويعود الخلق الى الله!

* يذهب أكرم والبدوي حمدوك نفسه وأي شخص آخر، إن لم يكن اليوم فغدا ويبقى السودان، هذا هو ما يجب علينا ان نفهمه ونوطد عليه حياتنا .. (من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت)!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.