هل ستغير واشنطن نهجها؟

0 114
كتب: د. النور حمد
السفير ألبرتو فيرناندز دبلوماسي أمريكي عاش في السودان لعامين تقلده أثناءهما منصب القائم بالأعمال الأمريكي في السفارة الأمريكية بالخرطوم، بين عامي 2007 و2009، في الفترة التي أعقبت اتفاقية نيفاشا. اشتهر فيرناندز بعلاقاته الواسعة بالمجتمع السوداني وتغلغله وسط مختلف فئاته، خاصة السياسيين. وقد تمكن ببساطته وعفويته وحضوره المناسبات الاجتماعية، من خلق شعبية كبيرة في مجتمع الخرطوم. ولقد ساعدته كثيرًا قدرته على التحدث باللغة العربية. نشر فيرناندز أمس الأول تحليلاً سياسيًا، على موقع معهد واشنطن المتخصص في السياسات الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط. نشر فيرناندز تحليله السياسي تحت عنوان: “السودان على الحافة: أسقوطٌ حتميٌّ أم أمامه طريق أفضل؟”. أبدى فيرناندز بحكم معرفته بالسودان وأحوال السياسية تعاطفًا كبيرًا مع الفترة الانتقالية وحرصًا على اكتمال التحول الديموقراطي. وحث الإدارة الأمريكية لكي تغير سياستها الحالية وأن تتحرك بإيقاع أسرع.
ما يهمني إيراده في هذا الحيز المحدود عرض موجز للتوصيات التي ذيل بها فيرناندز. وقد بدأها بقوله: كما هي عادتهم دائمًا، نصح المانحون الدوليون الحكومة السودانية أن تتخذ خطواتٍ في الإصلاح الاقتصادي. وهي خطواتٌ من شأنها أن تضعف شعبية الحكومة أكثر، وتجعل منها، هدفًا سهلاً للشخصيات العسكرية والإسلامية، المهيأة للانقضاض عليها. ففي الوقت الذي يغالب فيه سواد السودانيين عناء البحث عن الخبز والوقود والدواء، يصبح من الجنون أن نتوقع من إدارة حمدوك أن تعلن على المواطنين الذين عانوا طويلاً، أن عليهم أن يرضوا بأقل القليل، وأن يرسلوا الأموال إلى ضحايا الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة. ومن ثم، ينتظرون، ببساطة، قدوم الأيام الزاهية المقبلة.
يقول فيرناندز أيضًا: إن السياسة الأمريكية الراهنة المتعلقة بالسودان تبدو واضحة. وتتلخص في معالجة العلاقات الثنائية مع السودان بصورة منهجية، مع إبقاء الأمل في الانفراج النهائي بعيدًا، هناك، عند نهاية النفق. ويتضمن هذا تعليق الوعد بإزاحة اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب حتى اقتراب انتخابات 2022، أو بعدها. أما السياسة التي سيجري اتباعها، حتى ذلك الموعد، فهي إصلاح القطاع العسكري وحماية الحكومة المدنية من أن يُطاح بها، وذلك بإبقاء المكون العسكري على الخط المفضي إلى التحول الديمقراطي. بعبارة أخرى، إن ما جرى، حقيقةً، هو أن السودان تلقى وعودًا من واشنطن، أكثر مما تلقى مساعدات.
يقول فيرناندز: مشكلة هذه السياسة أنها مبنيةٌ على أن الوقت سيكون في صالح أمريكا. لكن، لو أن الاقتصاد العالمي كان مزدهرًا والسودان ضمن هذه الحالة فعلا، حتى باقتصادٍ متواضع، لأمكن لمثل هذه السياسة أن تنجح. إن واشنطن تغامر بإهمالها تصور ما يمكن أن يأتي عكس توقعاتها المرتجاة من هذه السياسة، لأنها تترك الحكومة الحالية تفقد سندها الشعبي. على واشنطن أن تتحرك في الملف السوداني بسرعة شديدة، وليس ببطء. ولابد من تقديم أكبر قدرٍ من العون حتى يشعر المواطن السوداني بأن أملاً قد أصبح مجسدًا على أرض الواقع. كما يجب أن يكون هناك حديث واضح لحلفاء واشنطن في المنطقة؛ ممثلين في السعودية والإمارات، حول الكيفية التي تجعل منهم داعمين مخلصين لحكومة حمدوك. على واشنطن أن تحذر السعودية والإمارات، وكذلك أعداءها؛ تركيا وقطر، أن السودان أولويةٌ بالنسبة لواشنطن، وليس ملعبًا لصراعهما. وليت واشنطن تسمع لخبيرها السابق في السودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.