سفير التهريب !

0 71

كتب: زهير السراج

* سمع الجميع عن فضائح الدبلوماسية السودانية، المالية منها والجنسية خلال العهد البائد، ولكن لم تسمع إلا قلة قليلة بفضيحة إحباط جريمة تهريب كمية من الاحجار الكريمة من اثيوبيا إلى السودان عبر مطار أديس أبابا، ارتكبها أحد سفراء النظام البائد !

* القصة باختصار كما تحكيها المستندات التي توجد بحوزتي وأرجو أن تكشف عنها وزارة الخارجية وتقدم المتورطين فيها إلى العدالة، أن سلطات مطار بولي الدولي (مطار أديس أبابا) قامت في أحد ايام شهر يونيو من عام 2011 بضبط سفير سوداني يعمل بدولة عربية آسيوية صغيرة، كان يكثر السفر من محطة عمله إلى السودان عبر مطار أديس، متلبسا بتهريب 20 كيلوجرام (20,000 جرام) من الأحجار الكريمة المعروفة بــ (اوبال)، تحظر القوانين الاثيوبية تصديرها الا بإجراءات معينة، وأخلت سبيله بسبب الحصانة الدبلوماسية بعد مصادرة الأحجار!

* الاوبال نوع من الأحجار الكريمة نادرة الوجود إلا في بعض الدول مثل استراليا والمكسيك والمجر واثيوبيا، تتميز بلمعانها الشديد وألوانها المبهرة وغلاء ثمنها، ويعتبر الحجر الأسترالي أجودها وأغلاها حيث يبلغ سعر الجرام الواحد من النوع الجيد حوالى (8000 دولار أمريكي)، وهو من الأحجار الوطنية في استراليا، بينما يبلغ سعر الجرام من الحجر الأثيوبي حوالى 250 دولار .. أي ان قيمة الأحجار التي ضبطت بحوزة السفير تساوي (250 دولارX في 20 كيلوجرام X في 1000 جرام = 5 مليون دولار) في سفرية واحدة، ولا أحد يعلم عدد السفريات التي قام بها قبل وقوعه في قبضة السلطات الاثيوبية!

* في التاسع من يونيو، 2020، قامت السفارة السودانية باديس أبابا بتحرير خطاب الى وزارة الخارجية الاثيوبية، تهديها فيه التحية وتخطرها بوجود 20 كلجم من (الاوبال) في حيازة سلطات الجمارك بمطار اديس ابابا وهى مملوكة للسفير السوداني (أحتفظ باسمه، فالقصد ليس التشهير وإنما إعطاء نموذج للدبلوماسية السودانية خلال العهد البائد)، صودرت منه خلال مغادرته للمطار، وتلتمس تدخلها للإفراج عنها (شوف البجاحة دى ..عايزين السلطات الاثيوبية تفرج عن الأحجار، بدل ما يسكتوا ويحمدوا ربنا انو ما عملت ليهم فضيحة ونشرت أخبار عملية التهريب)!!

* ردت وزارة الخارجية الاثيوبية على السفارة بخطاب يحمل تاريخ ( 20 يوليو، 2011 ) تهديها فيه التحية، وتعتذر عن تلبية طلبها بعد إحالة الموضوع الى سلطات الجمارك والايرادات بمطار اديس ابابا التي ردت بان القانون الإثيوبي لا يسمح الا بتصدير 30 جراما فقط للاستخدام الشخصي، ولم يجد السفير إزاء هذا الرد إلا التنازل عن الحجارة والمبلغ الضخم الذى دفع فيها (لاحظ الطريقة الرسمية الدقيقة التي عالجت بها الخارجية الاثيوبية القضية).

* السؤال الذي يطرح نفسه، من هو المالك الحقيقي للأحجار والأموال التي أُهدرت على شرائها، وما الذى يرغم سفيرا أن يغامر بالسفر عبر المطارات الدولية لممارسة التهريب وارتكاب جريمة تلوث اسمه والمنصب المرموق الذي يشغله، وتُلطّخ سمعة بلده؟!

* الغريب أن السفير الذي يعتبر احد قادة الحركة الاسلامية، كوفئ لاحقا بتعيينه وزيراً للتعاون الدولي بدلاً من محاسبته، وظل طيلة جلوسه على الكرسي الوزاري يدلى بالتصريحات الصحفية المثيرة التي يدين فيها جرائم تهريب الذهب عياناً بياناً عبر مطار الخرطوم إلى دبي وتهريب الدقيق السوداني المدعوم إلى الدول المجاورة بواسطة عصابات معروفة، ويطالب بالكشف عن المجرمين ومحاسبتهم، مما أكسبه إعجاب المواطنين لصراحته وشجاعته، كما حاز على شهرة كبيرة لدى الصحفيين الذين كانوا يطاردونه للحصول على الخبطات الصحفية والعناوين المثيرة التي يزينون بها صحفهم، بينما هو أحد أباطرة التهريب، لا دقيق لا ذهب .. وإنما حجارة كريمة بملايين الدولارات!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.