حمدوك وشلة المزرعة

0 172
كتب: عمر العمر 
.

الطريقة الاولى نحو تقييم حكمة الحاكم تتمثل في النظر إلى الرجال المحيطين به.
***. ***. ***
تلك إحدى الأمثولات البالغة الدلالة في مؤلف الإيطالي الشهير نيو كولو دي ما كيافللي في كتابه ذائع الصيت المعنون (الأمير). رغم مرور نحو نصف القرن على الكاتب والكتاب إلا انهما لايزالان يمشيان داخل أروقة الجدل السياسي على امتداد الكرة الأرضية . مع ان الأميراكتسب شهرة دليل البراغماتية النفعية إلا أن هناك شبه إجماع على ريادة ماكيافللي في شأن الفصل بين الدين والدولة.
***. ***. ***
دكتور حمدوك حاول إبان مؤتمره الصحافي الأخير التصدي لأحاديث المدينة المتداولة في شأن ثلة مستشاريه . هي الثلة المتعارف عليها وفقاً للمتداول بشلة المزرعة. رئيس الوزراء حام حول المزرعة دون الولوج فيها. فحمدوك تحدث عن عدد المستشارين- دون تحديده – بينما الأحاديث تركز على قماشة الشلة والخيط الأبرز فيها. من حق مروجي الأحاديث النظر في كلام حمدوك ضربًا هروبياً . ما كان هناك ما يلزم رئيس الوزراء الخوض في أحاديث المدينة إذ يكون محقًا لو رأى فيها إفكاً يجب الترفع عنه. أكثر من ذلك فلرئيس الوزراء حق لاخلاف عليه في إنتقاء من يشاء من المستشارين . غير أنه يصبح مطالبًا حينما آثر فتح الملف بحسم الجدل على نحو يخرس الخراصين في المدينة.
***. *** ***
لذلك فمن حقنا جميعًا ، خاصةً نحن الحادبين على إنجاز مهام المرحلة الإنتقالية الكلام بصوت عالٍ في شأن المستشارين. هذا حق له علينا يستوجبه فرض المناصحة . هو حق لنا عنده من منطلق المكاشفة. فماكيافللي عندما صاغ مفهم الدولة كان يبحث عن آلية تضبط إنهيار الأمة الإيطالية المبعرة في دويلات. تلك مهمة ليست بعيدة عن الدور المكلف به حمدوك وادارته الانتقالية. صحيح السودان ليس بدويلات كما كانت فلورنسا ، نابولي وروما ،لكن دولتنا المركزية ليست نائية كثيراً عن جرف الانهيار.
***. ***. ***
حق رئيس الوزراء في اختيار المستشارين ليس بمطلق. ذلك مقيد بالحوجة النابعة من أعباء المرحلة كمًا بقدرات المستشارين على الإضاءة والإضافة . التجانس مسألة شاخصة عند الإختيار لكنها تأتي في سياق شروط متعددة بالغة الإلحاح ليس أدناها سندات التأهيل. العالم مقبل على ولوج آفاق تعلو المهارات فيها على المؤهلات. الرئيس الاميركي وقع قبل ايّام معدودات على قانون يجعل ذلك التوصيف العام لموظفي الإدارات الفيدرالية في الدورة الرئاسية المقبلة. حمدوك مطالب بشفافية اكثر بغية تبديدالأقاويل المتداولة في شأن المستشارين.من الأجدى لنا وللرجل والدولة والشعب الإطمئنان على ان في مكتب رئيس الوزراء اكفاء في تخصصات إدارة الدولة على قدر عال من الاستقامة الوطنية. ربما ذلك بعض مما لدى من يطلق عليهم شلة المزرعة.
***. ***. ***
هناك خلط ضار .ثمة اسماء متداولة لها علاقات صداقة مع حمدوك خارج فلك الدولة. هناك مستشارون رسميون من خارج علاقات حمدوك الشخصية. نعتهم جميعًا بأعضاء سابقين في الحزب الشيوعي ربما يكون شرفًا أكثر من كونه اتهامًا كما يريد البعض. فمن المألوف في منتسبي الحزب البذل الوطني ونكران الذات والترفع عن المغانم .
***. ***. ***
توصيف مستشاري رئيس الوزراء ب (شلة المزرعة) يذهب ابعد من تغليب المجانسة – بحكم عنصر الصداقة -على مؤهلات التخصصات المتنوعة اعتمادًا على الزمالة. تبني المكاشفة والمواجهة أفضل من غض الطرف والمراوغة . مثل هذا السلوك يفضي إلى تفريخ الإشاعات والمهالك لا محالة. هناك عدد من الرجال افسح لهم التاريخ فرصاً لارتياد شرفات الخلود لكنهم ذهبوا باختياراتهم الخاطئة إلى مكبات السخط العام. غورباتشوف مثال شاخص . قناعاته الراسخة بحتمية الإصلاح جرفته إلى خيارات كارثية جعلتنا شهوداً للمرة الاولى على امبراطورية تنهار من الداخل سلمًا . هي الخيارات الخاطئة حيث جلس غورباتشوف على مقاعد الفرجة بينما طموحاته تندثر تحت ركام إمبراطوريته .أقرب معاوني غورباتشوف -هم زملاء نضال -كانوا أكثرهم خذلانًا له ؛وزير الدفاع،وزير الداخليةورئيس جهاز الاستخبارات. من خياراته الكارثية عجزه عن مواجهة الداخل تحت غمرة إنبهاره بالإطراء المنهمر عليه من الخارج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.