الناطح الرسمي !

0 75
كتب: زهير السراج
.

* بغض النظر عن اعفاء السفير (بدوى صادق) من منصب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، وهى عقوبة في رأيي لا ترتقي لمستوى الخطأ الذي ارتكبه، ولا بد من تقديمه لمجلس محاسبة يفرض عليه المزيد من العقوبات بما في ذلك الفصل من الوظيفة، فشخص يرتكب مثل هذه الاخطاء الجسيمة الحمقاء مهما كانت خبرته وكفاءته، لا يمكن ان يظل يعمل في الوظيفة الدبلوماسية التي تتطلب مواصفات معينة أقلها أن يتميز بالحصافة والدبلوماسية التي تعارف الناس تقليدياً على انها (الفن الراقي )، وهي مأخوذة من كلمة (دبلوما) في اللغة اللاتينية التي تعنى (الوثيقة) أو (المستند)، ولكنها تطورت مع الوقت لتأخذ المعنى الذى يعرفه ويفهمه معظم الناس!

* يفترض في الدبلوماسي ان يكون حصيفا وحكيماً ودقيقاً، وإلا ساءت العلاقات بين الدول التي تتبادل التمثيل الدبلوماسي لتمتين وتقوية العلاقات بينها ومعالجة المشاكل التي قد تنشب بينها، وليس صنعها، وما يخربه السياسيون يجب ان يصلحه الدبلوماسيون وليس العكس!

* ويجب ألا يحشر الدبلوماسي نفسه في السياسة أو يجتهد من تلقاء نفسه، وأن يلتزم التزاما حرفيا بالسياسة التي يقررها صناع القرار، وربما يجوز له تقديم النصح لرجال الدولة ولكن بالطريقة المتعارف عليها دبلوماسيا، لا أن يخرج على الشاشات وأجهزة الاعلام ليُصرّح ويحلل بدون تفويض من أحد، كما فعل السيد (بدوي) الذي أخشى أن يكون الحديث الذي راج وسط الصحفيين بأنه نُقل الى وظيفة (مدير إدارة بالوزارة) بعد إعفائه من منصب الناطق الرسمي صحيحاً، فمن يرتكب خطأً فادحاً مثل هذا يجب أن يشعر بفداحة الخطأ الذى ارتكبه بفرض العقوبات الصارمة ضده، وليس ترقيته ونقله الى منصب آخر، كما كان يفعل النظام البائد !

* وأجد نفسي متفقا مع الزميل الدكتور (حسين حسن حسين) الذى ذكر في مقال تحت عنوان (مسؤولون فاقدو اللياقة الذهنية)، بأن تصريح الناطق الرسمي السابق لوزارة الخارجية (حيدر بدوي صادق) يدل على ان أن كثيراً من المسؤولين يفتقدون اللياقة الذهنية التي تتيح لهم ممارسة مهام وظائفهم على النحو المأمول.

* ويضيف، “إن ما صرَّح به السفير (بدوي) حول تطبيع علاقات السودان مع إسرائيل فاق الدهشة التي أبدتها الوزارة حيال تصريحه، وقد تابعتُه وهو يدلي بتصريحه مزهواً بأسلوب يجافي الدبلوماسية والكياسة، إذ فاخر بأننا “لسنا أول دول تُطبّع، ولكننا أهم من مصر نفسها، رغم مكانتها، وعلاقتنا مع اليهود قديمة، ولقد ولدت اليهودية على شاطئ السودان في النوبة”.. تخيلوا !
ويتساءل الزميل العزيز .. “إذا افترضنا أن (بدوي) مكلف بالتصريح حول التطبيع، فما الداعي للمقارنة مع مصر، وما الداعي للإحالة إلى التاريخ؟!

* كما مضى الناطق الرسمي بعيداً في حديثه عن أهمية العلاقة لإسرائيل والسودان، حتى وصل إلى الاستثمار وتبادل المنافع، وكشف عن اجتماع طارئ بين رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك ووزير الخارجية السوداني المكلف (عمر قمرالدين) حول تطورات الأوضاع في ملف السودان مع إسرائيل، ووصف الخطوة الإماراتية بأنها “جريئة وشجاعة، وفي المسار الصحيح لتحقيق السلام في الشرق الاوسط والسلام العالمي، لأن السلام بين اسرائيل والبلدان العربية يساعد العالم على تحقيق السلام الدولي”.

* من الغريب أن يفشى الناطق الرسمي أسرار الدولة لأجهزة الاعلام بمثل تلك البساطة عندما تحدث عن الحوار الذى دار في اجتماع بين رئيس الوزراء ووزير الخارجية حول العلاقة بين السودان وإسرائيل .. هل يمكن لأحد أن يتخيل ان يصدر هذا الحديث عن دبلوماسي، بل والناطق الرسمي للوزارة، ويفشى اسرار الدولة بمثل هذه السماجة حتى لو كان مفوضاً بالحديث عن الموضوع، دعك من ألا يكون مفوضا من أحد ؟!
قد يكون لي أو لغيري رأي في إقامة علاقات بين السودان أو إسرائيل، إما بالقبول أو الرفض، ولكن هل يجوز أن يدلؤ الناطق الرسمي لوزارة الخارجية وسفير له باع طويل في العمل الدبلوماسي بهذه التصريحات الغريبة، ويتحدث لأجهزة الاعلام عن هذا الموضوع الحساس وكأنه يتحدث في (قعدة ونسة) مع أصدقائه؟!

*كما قال الزميل حسين، أن تكون حكومة الثورة التي دعمناها ودافعنا عنها بكل هذا التخبط، أمر يدعو إلى الرثاء والإحباط، ويجعل مستقبل البلد على كف عفريت، في ظل عدم الاستقرار والازمات المتلاحقة التي تشهدها البلاد !!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.