أئمــــة النفــــاق بين الحداثـــــة وتصديـــر البـــداوة!

0 97
كتب: آدْمُ أجْــــــــــــــرَىْ
.
لم يكن الدين صنعة ولا شأناً يخص الحكام، أبقوه مهملاً حتى جاء وقت إحتاجوا فيه إلى العارفين بشئونها يساهمون فى ترويض الشعوب وتذكيرها أن الحاكم ظل الله فى الأرض، تظاهره إرادته، طاعته واجبة والخروج عليه كفر. وهذه الآلية إلى اليوم باقية تعمل، وهو ما جعل الوجود الثابت للفقهاء فى بلاط السلطان ضرورة، مهمتهم الإبقاء على العبارة حية فى المنابر.
من هنا وسع المجال لتشكيل وعى المجتمع والتحكم فيه بتأسيس تيار محافظ لا يقبل جديداً ما لم ينل البركة، ويمر من تحت أقدام الفقهاء. تكرر ذلك بشكل أعمق فى المجتمعات المسيحية القديمة، وفى كل وسط أخضع إرادته لرجال الدين، ونسقاً عاماً إستحكمت فيه التابوهات اليمينية المتوعدة.
إنتهى عصر الثيوقراطية، وأبعد الكهنة عن دولاب الحكم، فانطلقت الأمم –خلا الشرقية– التى إستمرت فى صياغة أجيالها بتقاليد قديمة زاهدة عن الدنيا بأمر فقهاء الاوليغاركية الغارقة فى نستالوجيا لا مجال لصمود تقنياتها فى سوق التكنولوجيا الرقمية.
الشعوب التى رهنت نفسها لهذا النسق، جمعتها العزلة فى أسفل هرم التطور، هى راضية بها ولا شيى ينقذها، لا رغاء المنافقين فى المنابر، ولا التدين المظهرى، ولا تقليد الأجداد، ومن المثير للسخرية أن وفرة المال –النفط مثالاً – لم تفلح فى إحداث التطور ولا تحقيق النصر، إنما تحولت إلى قوة تثبيت، وقاطرة لتصدير البداوة – الأزمات – إلى أمم أخرى.
فقهاء السلطان ظاهرة سلبية، مضرون فى الدنيا، ولسنا متأكدون من قيمتهم فى ما بعد الممات –والآخرة ليست سياسة – شعوبهم المكلومة فقدت أهلية اللحاق بأى ركب إلا ذيلها، فضلاً عن الإندماج فى عالم المنافسة. لكنها أفلحت فى إنتاج العنف وتمويله فى الدنيا.
إنهم أسارى نسق رجعى، شواغلهم لا تغادر أطر السجون، لا يبدعون إلا ما ندر، وينطبق الأمر على كل عوالم عزلة فقهاء السلطان، الغارقة فى نصب أفخاخ الفتن، المنشغلة بمراقبة سلوك أفرادها وبتدبير المؤامرات والكيديات، الواهنة التى لا تقوى على حماية ذاتها إلا بسند الغير. كانت نتيجة التصدير، وقوع أحداث عنيفة ضد أبرياء فى محيطات بعيدة، وتيار أنشأوه تمكن من نزع أراضى وإنشاء نظم خلافة أذاقت شعوبها الأمرين دون تحقيق هدف يذكر.
تركيا العلمانية، المحكومة إسلاموياً هى الحالة الأكثر شذوذاً والأشد مكراً، فهمت أصل الحكاية، أبقت على التعاقدات القديمة -العلمانية -التى بموجبها تأسست الدولة التركية، نبذت الرجعية لفظتها إلى خارج حدودها، وواصلت مساعى تحقيق حلمها بإستعادة مكانتها كأمبراطورية عثمانية، وهذا ما يبرر إنغماسها فى ترويج البداوة عالمياً، وتمسكها بالحداثة داخلياً، وشيئاً ما جعل أئمة الرجعية الهاربين إليها، يغضون الطرف عن هذه المعادلة الشيطانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.