إبريل الحزين!

0 49

كتب: عثمان ميرغني 

.

ظللت البلاد سحابة من الحزن يوم أمس 6 إبريل مع الذكرى الثانية لبدء الجولة الأخيرة من منازلة النظام الدكتاتوري، بالاعتصام  في ساحة القيادة العامة.. في أعظم صورة حية جسدها الشعب السوداني الذي تحول في تلك الأيام إلى جسد واحد بروح واحدة.. سياسياً واجتماعياً وروحياً..

حزن يوم الذكرى الثانية؛  سببه الحال التي وصلت إليها البلاد بعد سنتين من عمر الثورة المنتصرة.. أنهار من الدماء تسيل للمرة العاشرة في مدينة الجنينة وأرواح بريئة تزهق بلا دموع، و الدولة لا تملك سوى اجتماع لمجلس الأمن والدفاع يخرج ببيان مكرر يتحدث عن إعلان حالة الطواريء وإطلاق يد القوات النظامية لبسط الأمن ونزع السلاح من أيدي المواطنين قسراً، العبارات ذاتها التي انتهت إليها كل جولة دماء دون أن يتغير الحال.. كل الذي يتغير مكان المذابح، من أقصى الغرب لأقصى الشرق.. مروراً بالجنوب والوسط.

كل هذا مع انهيار مهول في الخدمات خاصة الكهرباء التي هي عصب الحياة المدنية ووقود دورانها.. وارتفاع غير مسبوق في أسعار كل شيء.. مطلق شيء.

لو كان هذا الذي يحدث في الدولة السودانية هو مجرد الحُمى التي تصاحب التغيير وارتفاع درجة الحرارة هو علامة أن الجسم يستجيب للتغيير لما كان الأمر يستحق (أي دمعة حزن لا لا).. لكن بكل أسف هذا الواقع هبة سوء إدارة الدولة، وحالة الـ”لا” مبالاة التي تكابدها..

بكل صراحة، كثيرون من الساسة فسروا انتصار الثورة بأنه موسم الحصاد، فاشهروا فواتيرهم وبسطوا أيديهم لقطف ثمرة لم يحن موعد نضجها.. حالة طمع سياسي هي ذات الذي أودى بثورتي أكتوبر 1964، وإبريل 1985.. نفس الملامح والشبه.

نهم وشغف مريع بحصد المكاسب والكراسي والسلطة، وفورة إقصاء خفي متبادل بين الأحزاب. بينما الشعب المغلوب على أمره  ولسان حاله يقول (أني أعطيت ما استبقيت شيئا) غير قادر على فهم ما يجري، فهو يثق في قيادة ثورته وحكومته، لكن الواقع يدحض ثقته كل يوم..

حتى لا ندفن رؤوسنا في الرمال فإن الفترة الانتقالية لن تستمر بمثل هذا الأداء المختل، عاجلاً وليس آجلاً ستسقط على نسق (بيدي لا بيد عمرو) لن تحتاج إلى فلول أو مندسين أو عملاء.. هي عملية انتحار ذاتي للفترة الانتقالية، ومن الخطل الظن بأن الخارج وحده كاف لحماية حكومة الفترة الانتقالية..

يجب أن تستيقظ الحكومة بل ورأس الحكومة بالتحديد، فالطريقة التي تدار بها البلاد حالياً هي عرضحال اليوم الآخر.. والشعب الذي يفترض أن يحمي الثورة سيكرر ما حدث بعد انقلاب مايو 1969 ثم انقلاب 30 يونيو 1989 حينما شعر بالشماتة وهو يرى سنابك الخيل تدوس بساط الحكم..

وقديما قال الشاعر:

أيقاظ أمية أم نيام!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.