اسرار وتكيتيكات عن ثورة ديسمبر يكشف عنها قادة الثوار لأول مرة ..
شارع الاربعين بامدرمان .. قصة نضال لم تعرف التثاؤب
امدرمان ــ السودان نت
منذ انطلاق ثورة ديسبمر المجيدة لم يهدأ اطلاقا شارع الاربعين بمدنية امدرمان وظلت جذوة الثورة فيه متقدة ليلا ونهارا الى ان سقط النظام ،وشهد الشارع اول اضخم موكب مركزي دعا له تجمع المهنيين بالاحياء في شهر يناير بعد ان قمعت الاجهزة الامنية المتظاهرين ومنعتهم من وصول القصر الجمهوري لتسليم مذكرة التنحي ، لذلك وقع الاختيار على شارع الاربعين لاهميته التاريخية ويعزو الكثير من المراقبين تمساك ثوار شارع الاربعين للتضامن والتداخل الاجنماعي للاحياء التى تشكل الشارع مما مثل صعوبة كبيرة للقوات الامنية من اختراق الحراك في الشارع ، وفي تتبع تاريخي للشارع العريق سمي شارع الاربعين لانه تعبره الحركة التجارية الى جمهورية مصر العربية ، ويبدأ الشارع من تقاطع العرضة قبالة مستشفي التجاني الماحي ويمتد جنوبا الى تقاطع شارع الفرقة و اشلاق المهندسين، واكتسب الشارع اهمية وخصوصية ابان الحراك الثوري ضد النظام البائد، حيث نشطت به مجموعات حراك ثوري ابرزهم “بانت” “نمور العباسبة” بالاضافة لاحياء العباسية شرق وغرب وحي الامراء ، وحي الضباط ، وابوكدوك ،وظلت هذه المجموعات في حراك دائما بتسيير المواكب وتتريس الشارع وغيرها من اشكال الرفض لحكم الرئيس المخلوع عمر البشير، وكان حينما تفض القوات الامنية هذه التظاهرات تتحول الى الشوارع الداخلية خاصة شارع الفيل الذي يعتبر الشارع الرديف لشارع الاربعين اذ يتخذه الثوار مكان بديل للتجمع فور التضييق عليهم.
حصار وتضييق!!
ويعتبر حراك شارع الاربيعين نموذج يحتذي به من حيث وكل من يمر في ذلك الشارع صباحا مساءا يشاهد الاطارات المشتعلة والشباب يهتوففون ضد نظام الحكم ، وببالرغم من قلة عددهم الا انهم لم يستسلموا ابدا وظلوا في فعل مستمر الى ان جاء ييوم الضربة القاضية في (6 ابريل) واعتصام الشعب في القيادة العامة ، وبينما لجأ النظام الى التضيق والقمع الوحشي لؤاد الحراك الثوري بمحاصرة شارع الاربعين واحيانا اغلاقه ، دفع ذلك تنسيقيات الحراك الى اتخاذ بدائل لحماية قياداتهم حيث احكم التنسيق بينهم بالتواصل مع كل منطقة بتفاصيل واشخاص محددين خشية من ملاحقتهم من قبل القوات الامنية، و ينضرب الحراك في مهده.
ويقول معز نصر احد القيادات والمخططين للحراك الثوري لـ(السودان نت) ان من اهم اسباب مظاهرات شارع الاربعين واستمرارها الى ان سقط النظام يرجع الى التماسك الاجتماعي للمواطنين الذين يتواجدون في احياء المطلة على الشارع منذ اكثر من (60) عاما لذلك وجدت الاجهزة الامنية صعوبة في اختراقهم كما ان الثوار المنضمين الى المظاهرات من الاحياء الاخري يجدون الحماية والايواء كلما اشتد بهم البطش، وكل الابواب يتعمد الاهالي تركها مواربة وهذا ما قلل من عدد الاعتقالات بخلاف التظاهرات الى تنطلق في الاسواق.
ويروي المعز نصر انه حتى عندما تتوغل عملاء الامن الى الاحياء او وسط التظاهرات كان يتم رصدهم مشيرا الى انه في احيان كثيرة ضبط افراد امن داخل الاحياء ووجدت بحوزتهم مسدسات واجهزة اتصال لاسكلي واجهزة تصوير جردوا منهما واطلق سراحهم.
قبل المواجهة!!
ويتشكل ثوار شارع الاربعين من مجموعة من الشباب اغلبهم غير منتمين لاي من التنظيمات السياسية ومنهم من اكتوا بنار الانقاذ وتعرضوا للظلم والاقصاء السياسي والاجتماعي والوظيفي وبعضهم طرد ذويهم من وظائف مرموقة بالدولة وعانوا من سياسية التمكين التى اتخذها النظام البائد لذلك كانت وقفتهم على خط النار والمواجهة مع النظام البائد وعلموا بسلميتهم الشعب معني البطولة وتصدوا كنداكات وشفاتة الى ان تم المراد وسقط الطاغية.
وقبل ايام المواجهة الساخنة مع الاجهزة الامنية وقبل ان يشتد الحراك ويصل نقطة اللا عودة كان ثوار شارع الاربعين في حالة حراك مستمر فتارة يخرجون في وقفات احتجاجية ومرات احراق الاطارات ومظاهرات الكر والفر الى ان اعلن تجمع المهنيين السودانين توليه زمام قيادة الثورة بانطلاق موكب 9 يناير 2019م ، وبالفعل استجاب الالاف للدعوة وخرج الموكب انطلاق بداية االشاارع شمالا ان ان اقترب من محطة عابدين وهنالك فرغته الشرطة باطلاق الغاز المسيل للدموع والاعتقالات وشكل ذلك اليوم دفعة قوية للثوار وادي الى تحول كبير في مسيرة الحراك ،
سقوط اول شهيد !!
وفي 9يناير دعا تجمع المهنيين الى موكب وكان للتضامن الكبير وطبيعة شارع الاربعين محفز كبير للثوار في تلبية الدعوة حيث شارك الالاف ، لكن في المساء جاءت الاخبار حزينة بسقوط كل من الشهيد صالح عبد الوهاب ومحمد المصطفي محمد الفاتح عمر واصابة هشام الشواني اصابة بالغة بالرصاص وبالرغم من ذلك لم يخشي الثوار الموت فخرجوا يوم 24 يناير وسقط الشهيد عبد العظئم أبوبكر.
ويقول المعز نصر ” دائما الحواضن الشعبية متمثلة في الاحياء القديمة مركزا مهما لمقاومة الانظمة الشمولية والاحتجاج السلمي اذ من الصعوبة اختراقها لانه يوجد حالة تمساك بين السكان ، كما ان فلسلفة تجمع المهنين حينها باختيار الاحياء والشوارع الرئيسية كانت موقفة حيث من الضرورة ان يخرجوا المواكب من وسط الخرطوم الى الاحياء لتشتيت القوي الامنية وحشد اكبر عدد من المتظاهرين حتى تكون هنالك صعوبة في السيطرة على الشوارع وضمان استمرارية الثورة ، ويضيف “اختيار شارع الاربعين لاول موكب في الاحياء لم يأتي عفويا وانما بتخطيط وتفكير من قبل الذين يدركون تكتيكات النضال والمواجهة مع الانظمة الدكتاتورية”.
فنون المقاومة!!
وشارع الاربعين تشكلت به عدد من فنون المقاومة ففي الشارع تمكن الثورار من هزيمة القوي الامنية بالرغم من عتادهم وقواتهم اذ كثيرا ما حاصروا افراد الامن في الشوارع كما وشهد الشارع حادثة انسانية اصبحت ضرب للمثال واكدت سلمية الثورة حينما سقت احدي سيارات افراد جهاز الامن سارع الثوار بانقاذ المصابين وتقديم العلاج لهم وظهر في فيديو تداوله الناشطون بانه خاطبوا فرد الامن المصاب ” نحن اخوانك يا بليد”.
في شارع الاربعين ظهر لاول مرة مشهد تصدي الثورار للغاز المسيل للدموع باصطياده بالجردل “جردل مان” وففي اللشارع تجسدت وحدة وتكتاف الشعب السوداني نحو مهمة اسقاط النظام ، فشاركك الاطفال في تقديم الطعام للمتظاهرين وفي امام كل منزل كانت تضع الاسر المياه الباردة والعصائر وتتسسابق في التلاحم مع المتظاهرين.
ميلاد اول لجان للمقاومة
وتشكلت فيشارع الاربعين اول تنسيقية للجان المقاومة ما قبل (6 ابريل) ، وعلى ضوءها رتب حراك شارع الاربعين على ثلاث مستويات حتى اذا ضرب المستوي الاول يكون هنالك المستوي الثاني والثالث مستمر ،وادت الثلاث مستويات عملها في تناغم واحترافية ابعدتها بطش الامن.
ويحكي ثوار شارع الاربعين بان الاعتقال والقمع لا يمثل لهم اي تهديد بالرغم من الحملات التى تشنها الاجهزة الامنية الا انهم لم يستسلموا وحينما ارتكب النظامالبائد جرائم اغتيال الشهداء (صالح ، والفاتح ، وعبد العظيم” استمر الثوار في الحراك لانهم يرون ان القضية بالنسبة لهم موضوع وطن واي تغيير له تضحيات وثمن ، لذلك الثورة تمت بنجاح كبير ومضت الي غايتها.
ابتكر ثوار شارع الاربعين وسائل للتواصل ومنها شفرات في غاية السرية تواصل من خلالها الافراد والجماعات في الثلاث مستويات دون ترك اثر بحيث ان كل مستوي من مستويات التنسيق لا يحضر الاجتماع وينوب عنه ممثل ، حتى اذا اعتقل شخص تكون هنالك بدائل اخري لاستمرار الثورة.
وحينما ظهر تجمع المهنين لقيادة الحراك لم يتواصل معهم وانما استجابوا له كغيرهم عبر جداول المواكب والفعاليات الثورية التى كان ،وظل ثوار الاربعين متمسكون بالسلمية وحرصوا بان لا ينجرف احدهم الى العنف بالسلمية.
استراحة محارب
وحاليا ثوار شارع الاربعين يتعبرون انفسهم في مرحلة استراحة محارب وهم ينظرون الى الاوضاع بترقب حذر، بعد ان فوضوا قوي الحرية والتغيير لادارة المرحلة بالتعاون مع العسكريين ويشير هيثم عبيد من سكلن شارع الاربعين نحن لن نحيد عن تاييدنا لقوي الحرية لكن ان رايناهم حادو عن طريق الثورة فالشارع موجود”.
شهد شارع الاربعين عدد من الاصاابات وحالات القتل حيث سقط عدد من الشهداء لكن يري ثورار الاربعين ان رمزيتهم الشهيد عبد العظيم الذى سقط في الايام الاولي من الثورة واسشتهد كما ينبغي ان يستشهد الرجال ، وتخليدا لذكراه اطلق علي شارع الاربعين شارع الشهيد عبد العظيم ورسمت جدارايات له تسجد بطولته وشجاعته في مواجهة بطش قوات الامن.
مواقف انسانية
الحارات التى يتكون منها شارع الاربعين قدمت نموذجا رائعا ابان الثورة وكانت لوقفة المواطنين وتضامنهم مع الثوار دور كبير في استمرار التظاهرات حيث فتحت الاسر منازلها للثوار وقدمو الاكل والمشرب والماؤي وبعض المنازل استخدمت مستشفيات ميدانية لاسعاف المصابين والمختنقين بالغاز المسيل للدموع وهذه العيادات لم تقتصر على الثوار فقط بل حينما تعرضت احدي سيارات الامن لحادث سارع الثوار الى انقاذ الجنود و تم اسعافهم بعد ان خاطبوهم بعبارة حملت بعدا كبيرا حيث اعطتهم الامان والتسامح بين الشعب وان اختلفوا في السياسية “نحن اخوانك يا بليد”.
ومع انحسار الحراك عقب تشكيل الحكومة الانقالية برئاسة عبد الله حمدوك اتجه الثوار في شارع الاربعين الى مهام اخري حيث تم تشكيل لجان المقاومة في الاحياء وبدات تنشط في بعض المهام الاجتماعية والرقابية للسلع والخدمات اذ يقوموا بدور رقابي عظيم في السلع والخدمات والتعمير والنظافة و وافتتحوا عدة اسواق للبيع المفض باسعار المنتج دون ربح ، كما قاموا بدور توعوي حول فيروس كورونا.