الأسبوع الثالث من الحرب بين الجيش والدعم السريع

غياب الوضوح السياسي لدى الدعم السريع يطيل الصراع

0 60

تقدير موقف

وحدة الشؤون الافريقية ، مركز تقدم للسياسات

مقدمة: تدخل الحرب بين الجيش والدعم السريع في اسبوعها الثالث , مع استمرار سيطرة قوات الدعم السريع على المرافق الحيوية والمواقع السيادية بالخرطوم منذ الساعات الاولي لانطلاق المعركة صباح السبت 15 أبريل , في ظل معارك يومية علي مدار الساعة ، دون ان يتمكن الجيش من استعادة عنصر المبادرة واسترداد مواقعه السيادية , على رأسها القصر الجمهوري رمز السيادة والحكم , والقيادة العامة للقوات المسلحة عنوان كرامة الجيش , مع سيطرة جزئية علي مدن دارفور الرئيسية . ورغم قبول قائد الجيش بجهود الوساطة لبدء التفاوض مع خصومه الا ان المراقبين يلحظون غياب حميدتي ومماطلته في الرد على الوسطاء وقبول التفاوض.
تحليل:
-تمكن الدعم السريع من المحافظة على مواقع سيطرته وانتشاره فهو يتحكم في معظم مداخل ومخارج ولاية الخرطوم بمدنها الثلاث، بينما يعتمد الجيش في حربه على سلاح الطيران الذي استطاع تأخير انتصار الدعم السريع وترك الباب مفتوحا لكل الاحتمالات.
-في اليومين السابقين ، استطاع الدعم السريع تحقيق ضربات عسكرية مؤثرة ضد الجيش ، دمر فيها قوات كبيرة قادمة من الأقاليم كان يعول عليها في قلب موازين المعركة ، عبر استعادة مواقعه الاستراتيجية والقضاء علي الدعم السريع.
– امام فشل الجيش في استعادة السيطرة علي الخرطوم عمد الى التوسع في استخدام الطيران، والاعتماد عليه بشكلٍ رئيسي ، واستنادا الى مصادر خاصة, تم تعضيدها إعلاميا من قبل قيادة الدعم السريع ، ان الضربات الجوية الأخيرة, شهدت دخول أنواع جديدة من الطائرات اكثر تطورا من التي استخدمت سابقا, من حيث القدرة علي المناورة والسرعة والدقة في تنفيذ الأهداف ، علي نحو يطرح سؤالا عن مصدر تلك الطائرات، وهويتها ، ومدي تأثير البعد الخارجي الإقليمي في الحرب .
– أمام عدم حدوث اختراقات جوهرية في الحالة الميدانية العسكرية وفي الخارطة السياسية، بدا الامر للوسطاء الافارقة والأمميين والاقليميين، وكأن الوضع مهيئ لبدء التفاوض بين الطرفين المتحاربين، المفاجئ ان البرهان وافق على التفاوض سواء كان في الرياض او جوبا دون شروط مسبقة، في حين لا زال حميدتي يناور ولم يرد على الوسطاء بخطوات عملية قاطعة.
– يبدوا جليا ، أن الدعم السريع ، حصر خياراته بالحسم العسكري ، والمناورة حول التفاوض يبدو انها محاولة لكسب الوقت وذلك لتحقيق هدفه المعلن ، والمتمثل في القضاء علي القيادة العليا العسكرية التنفيذية للجيش” البرهان والكباشي وياسر العطا ” في ذات الوقت الذي يسعي البرهان فيه لبدء التفاوض معه. تردد حميدتي وتأخره في الرد حتى الان على الوسطاء واخرها الجانب البريطاني، يضعه في دائر الشك، حول هدفه الحقيقي من هذه الحرب ومدي صدقية وعوده حول مدنية الحكم وعملية الانتقال السياسي، ووجود طموحات شخصية تتجاوز الأجندة الوطنية المعلنة في “الاتفاق الاطاري” , الامر الذي قد يعرض سيطرته الميدانية المؤقتة للخطر , خصوصًا مع انعدام الافق سياسي للحل , مما يعني استمرار المواجهات , في حرب تمثل التحالفات السياسية والحواضن الشعبية إحدى العوامل الرئيسي للانتصار .


– المسالة الأخرى، الحرج الذي تواجهه القوى الإقليمية الصديقة او المتحفظة على حميدتي وقواته ، فالدعم السريع لم يخرج من بوتقة انه “قوة مناطقية عشائرية قادمة من دارفور” ، ولم يجد حتى الان دعما وتحالفا سياسيا على المستوى القومي للبلاد يسند مشروعه ، ويعزز مشروعية حربه ,او يصادق على وعد قائده الخجول بتسليم السلطة بصورة جازمة للمدنيين بعد ابعاد الجيش وعناصره الإسلامية ، فأحزاب ونخب السياسة في الخرطوم لازالت تري الدعم السريع بتكويناته الاجتماعية وبعدها المناطقي عنصرا غريبا ، يشكل تهديدا لبقاء الدولة ، ويهدد مصالح شركائها التاريخيين مع تخوفات إقليمية من طبيعة علاقة الدعم السريع مع روسيا والضمانات حول مستقبلها حال وصوله للسلطة أو ازدياد نفوذه السياسي والعسكري.
– رغم نفي الجنرال حميدتي أي صلة له بقوات فاغنر الروسية، الا ان العواصم الغربية المعنية ، تضع قوات قوات الدعم السريع في سياق التمدد الروسي من خلال تسهيل نشاطاها وحماية قواعدها ، في منطقة وسط وغرب افريقيا ، بما فيه من تهديد للنفوذ والمصالح الغربية في القارة ، والأهم ، إيجاد موطئ قدم روسي علي سواحل أفريقيا الشرقية ،والبحر الاحمر ، الممر الحيوي والمعبر الاستراتيجي بالنسبة لأميركا وحلفائها.

الخلاصة: على عكس ما يعتقده قادة الدعم السريع، من ان الزمن واطالة امد الحرب يعمل لصالحهم، وان إدارة الظهر لوسطاء التفاوض الدوليين والاقليميين هو تكتيك ومناورة ناجحة لتحقيق أهدافهم ، الا ان خبراءنا في المركز وخارجه ، يقترحون مقاربة أخرى لما يجري ، فالزمن يعمل ضد الدعم السريع . وأن السيطرة على القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش ومبنى التلفزيون ليست كافية لحسم قضية الحكم في السودان وهدم سلطة نخبها – في الحكم والمعارضة – وإمتيازاتهم المستمرة منذ الاستقلال الى اليوم، بما فيها المصالح الإقليمية والدولية. ليس هذا وحسب، بل ان استمرار القتال العبثي وتدمير العاصمة دون افق سياسي للحل، سيفتح الباب لحرب أهلية طويلة ولتقسم جديد في البلاد.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.