الإعتداء على حنان !
كتب: زهير السراج
.
* ما تعرضت له الأستاذة (حنان عثمان حامد) المذيعة بتلفزيون السودان امام مدخل التلفزيون والطالب الجامعي (محمد حافظ نورى) في احدى محطات الخدمة البترولية بالخرطوم من تحرش واعتداء بواسطة افراد من قوات الدعم السريع، لا يجب أن ينتهى بالإدانة الشعبية الواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي والمسيرات الاحتجاجية للعاملين والمواطنين، ولا الاعتذار الذى تقدم يه قادة قوات الدعم السريع ، بل يجب أن يجد المعتدون العقاب الرادع واصدار قرارات فورية تمنع قوات الدعم السريع من التعامل المباشر مع الجماهير في اماكن العمل ومحطات الخدمة الخاصة بالمدنيين بالإضافة الى إعادة النظر في قوانين الحصانة الممنوحة لأفراد القوات النظامية منذ العهد البائد والتي تغريهم بالاعتداء على العاملين في الدولة والاحتماء بقوانين الحصانة للهروب من العقاب، ولطالما طالبنا بإلغاء هذه القوانين المجحفة ولكن لم يستجب أحد، وإذا كان مفهوما عدم استجابة النظام البائد لهذه المطالبات لاعتماده على القوة العسكرية في حماية سلطته فما الذى يمنع الآن بعد سقوطه من إعادة النظر في قوانين الحصانة الممنوحة للقوات النظامية ولكل شاغلي المناصب الدستورية والعاملين في الدولة، والتي كانت ولا تزال سببا رئيسيا في ممارسة الفساد والتسلط والقهر وممارسة الانتهاكات وانتهاك العدالة والهروب من العقاب !
* تحدثت* مع (حنان) عن جريمة الاعتداء التي تعرضت لها أمام مدخل التلفزيون المجاور لسجن ام درمان (حيث ظل المدخل الشرقي المطل على نهر النيل مغلقا منذ استشراء وباء الكورونا)، وحكت لي إنها وصلت الى المدخل في (رقشة) ظهر الاثنين الماضي 28 سبتمبر، 2020 وابرزت بطاقتها لمجموعة من افراد الدعم السريع كانوا جالسين تحت شجرة فسمح لها احدهم بالدخول بإيماءة من رأسه، حيث كان الجندي الجالس على المدخل مشغولا في مكالمة هاتفية طويلة على هاتفه الموبايل ولم يعرها انتباها، وعندما دخلت بالرقشة ناداها وطلب منها العودة ودخل معها في جدال حول دخولها بدون ان يسمح لها فأخبرته بأنه كان مشغولا بمكالمة هاتفية وهى موظفة بالتلفزيون، وعندما لم يعرها اهتماما، أبرزت بطاقتها لأحد زملائه الجالسين تحت الشجرة فسمح لها بالدخول، ولكنه لم يقتنع بوجهة نظرها واتخذ قرار متعسفا بحرمانها من الدخول فأصرت على الدخول ودخل الاثنان في نقاش تدخل فيه أحد زملاء الجندي واضعا يده على كتفها وعندما زجرته وطلبت منه عدم لمسها دفعها الى الوراء وصفعها مرتين على وجهها، وهنا تدخل بعض المارة وعدد من العاملين وبعض جنود الدعم السريع وانتهت الواقعة بدخول حنان الى مقر عملها، واشتكت للأستاذ (لقمان) الذى تحدث مع الضابط المسؤول، كما اتصل بوزير الاعلام الذى وجه باتخاذ الإجراءات القانونية، وبالفعل قامت حنان بفتح بلاغ في نيابة القسم الأوسط ام درمان بالتحرش والاعتداء!
* قام الناطق الرسمي لقوات الدعم السريع لاحقا ومدير العمليات كلٌ على حدة، بتسجيل زيارة للتلفزيون والاعتذار للمسؤولين، ووعدا بالتحقيق في الواقعة ومعاقبة المعتدين، وتم الاتفاق على عدم تدخل قوات الدعم السريع المرابطة في التلفزيون في دخول وخروج العاملين، والاكتفاء بأعمال الحراسة فقط، كما تم الاتفاق على فتح المدخل الرئيسي المواجه لنهر النيل، ومن المفترض أن يكون التلفزيون قد أذاع بعض التفاصيل عن الواقعة والاتفاق الذى تم في نشرة الساعة التاسعة مساء أمس الخميس، وجاء في بعض المواقع ان قيادة الدعم السريع سجلت زيارة لمنزل اسرة الطالب (محمد حافظ) واعتذرت عن الاعتداء الذى تعرض له، وأشير هنا الى سابقة منع قوات الدعم السريع لوزير الاعلام من دخول مقر التلفزيون في وقت سابق متحججين بعدم وجود اسمه في قائمة الزوار، رغم أنهم يعرفون أنه الوزير المسؤول، فذهب غاضبا ولم نسمع بعد ذلك شيئا عن الموضوع !
* هذه الجرائم وغيرها توضح الخلل الكبير الذى ظللنا نتحدث عنه بدون أن يهتم أحد بتصحيحه وهو الوضع الشاذ لقوات الدعم السريع ووجودها كجيش مواز للقوات المسلحة والسلطات الكبيرة الممنوحة لها وإحساس أفرادها بالتميز، ولا استبعد مع كل هذه السيطرة والتسلط أن يكون ضحية الاعتداء القادم هو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة نفسه!