الجلابـــــــــــة أخلاق وســـــــــــلوك

0 93

كتب آدَمْ أَجْــــــــــــــرَىْ:

(إحموا أنفسكم بإتباع إرشادات خبراء الصحة وإحذروا الأنبياء الكذبة).
خلال بدايات العمل فى مصل السودان الجديد، كانت ثمة حاجة إلى إصطلاح لتعريف طفيلية المركز التى جمعت طيفاً من العناصر المخربة التى تتشكل تلقائياً مع كل عهد جديد للمحافظة على غنيمتها الدولة والإستحواذ على أثداءها النازفة، حيث تستكشف ثغوراً لإختراق الأفراد قبل الإندامج فى المنظومة فتصبح علتها.
السرقة سواءاً الثروات أو السلطات المرتبطة بها أهم الغايات، وسائلها فى العمل بقيت متخلفة لا ترتقى، العنصرية يدها الباطشة، الدين خنجرها المسموم ، النوع ذكر أم أنثى غربال للمزيد من التصفية وفق المصلحة وكلها أسلحة مختبرة تستخدم حسب الظرف والحالة.
هؤلاء هم أعداء الشعب، مداخلهم إلى الدولة سالكة وللإشارة إليهم فى سياق أدبيات الثورة وإستهدافهم دون غيرهم ثمة حاجة إلى تعريفهم بطريقة لا تطال قبائلهم ولا أفراد طوائفهم الدينية على تنوعها لأنهم بالمثل ضحايا، فآخر ما يحتاج إليه المشروع كسب عداوة من يجهد فى إنقاذهم أو يتوقع منهم دعماً أو يكون معهم حلفاً.
وقع الإختيار على عبارة الجلابة، فهل ثمة متضرر خلافاً للمقصودين؟
هناك من يقحم نفسه فيها كى يظهر بمظهر الضحية المستهدفة فى وقت يجلس فيه على كرسى الحكم أو قريباً منه والخدعة مكشوفة.
أصل الإصطلاح يعود لسلطنتى سنار ودارفور، اطلقت على طبقة تجار نمت شوكتها تحت عباءات حكام ظلمة أحقيتهم فى الحكم مرتبطة بالعرق، فرضوا على الرعية خاصة سكان ضفاف النيل والرافدين ضرائب تفصلها عن العبودية خيط رفيع وحظوظ مراعى الغرب لم تك أفضل، مارسوا عليهم أشد البطش، والجلابة الذين يديرون تجارتهم فإن التعدى عليهم كالمساس بالأميرات.
جلابة لأنهم يجلبون أغراضاً من أصقاع بعيدة بطرق بحرية متصلة بقوافل، ولطبيعة المهنة ومعاناتهم من الجبايات غير المعقولة وأعباء الهدايا الملزمة وأتاوات الطرق والنهب، يضطرون إلى تعويض الخسائر بالغش والإحتيال ولا مانع من الاحتفاظ بقنوات تربطهم بلصوص ومبادلة التوافه بأغراض ثمينة – أبقار مقابل غوايش مثالاً – فضلاً عن تجارة الرقيق بأهوالها، وقد تحولوا مع الوقت إلى أداة لتجريف الثروات.
هم تجار مغاربة، مصريون، أتراك، أرناؤوط، شوام، إغريق ويهود، عرفوا أيضاً بالخواجات، والسودانيون تعلموا منهم ثم لحقوا بهم خلال مراحل تالية، بدأوا عملهم المستقل بإمكانيات محدودة أو يأتون بأيديهم العشرة أحياناً حتى أن السلطنة الزرقاء أطلقت عليهم وصف الوطاويط.
مدرسة السودان الجديد إختارت العبارة الأنسب، أما تلك المحاولات الخائبة لإفراغها من مضمونها وربطها بعرق وقبيلة لا وجود لها، فإنه شغل الجلابة الجدد الذين تمنوا تردياً فى خطابها السياسى يمكّنهم من تفنيد القضايا المرفوعة بتحريك التكتيكات الفعالة المتمثلة فى العنصرية والدين، إنظروا إلى غلاتهم، تجدونهم مرتبطون بسلطة هى سدرة منتهاهم، مساعيهم إليها ليس لتقويم إعوجاج او تقديم مفيد، بل للحصول على رضاعة من ثدى شعب مقهور، ألقوا العروبة والإسلام طُعماً أملاً فى تعلقه بحلق المشروع، التسجيلات العنصرية المبثوثة مدبرة لها أغراضها، والطريدة المتخيلة لا تقرب الأفخاخ والصنارة تبقى خاوية لا تغوى أحداً، فالأمر بعيد كل البعد عن أى عرق ودين، والجلابة إصطلاح فيه أغاريق قدامى، يهود، يمانية، أرمن، وأرناؤوط، وبعض السودانيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.