الدولة الذكية !
كتب: زهير السراج
.
* السودان ملئ بالمبدعين والمخلصين واصحاب الافكار والعقول النيرة .. يقول المواطن المغترب في إحدى دول الخليج (ميرغني الإمام):
* ليس هنالك تعداد رسمي للمغتربين السودانيين بالخليج إلا ان يكون لدى جهاز المغتربين إحصائية بذلك. ما يعنيني هنا كمية الأموال التي تهاجر عكسيا الى بلاد اخرى والى جيوب اخرى غير السودان.
* الطريقة الشائعة في التحويل من دول الخليج الى السودان هي عن طريق تجار العملة، الذين لديهم عملاء بكل دول الخليج ويعتمدون في نشاطهم على الواتساب، وكل عميل لديه مجموعة مقدرة من الزبائن يطلعهم يوميا على الأسعار، وتتم عملية التحويل بالدخول الى رقم الواتساب الخاص بالعميل ليرسل لك حساب بنكي لمواطن بنفس الدولة الخليجية.
* سابقا كانوا يعتمدون على حساباتهم الخاصة ولكن تم إغلاقها بواسطة الرقابة البنكية ومكافحة غسل الاموال، فأصبحوا يعتمدون على حسابات مؤسسات تجارية لمواطنين خليجين، لان التحويل الى المؤسسات التجارية غير خاضع للرقابة، بحسبان انها تتلقى تحويلات يوميا من الزبائن المحليين، ويأخذ اصحاب المؤسسات الخليجية نصيبهم للإفراج عن الاموال لعملاء تجار العملة، بعد ذلك يتم تجميع هذه الاموال وتسافر بشتى الطرق الى (دبى) والله اعلم اين تذهب بعد ذلك!
* دخلتُ الى حساب واتساب احد العملاء بدوله خليجية، وسالته عما اذا كان بالإمكان ان يتوكلوا على الله ويوقفوا التحويل الجوكي، ويسيبوا المغتربين يحولوا كبقية خلق الله عن طريق النظام المصرفي، فكان رده ان تجارة العملة موجوده منذ عهد نميري وهى جزء من اقتصاد البلد!
* وأضاف، “انا مثلا عميل لرجل اعمال كبير له مصانعه فى السودان، إذا اراد ان يستورد شيئا فانه يلجأ إلينا”، فقلت له، هل يستوردون المواد الغذائية والدواء والبترول، قال نعم ، قلت له، بما انهم يحددون سعر الدولار فهم الذين يحددون أسعار الغذاء والدواء، فقال لي ان رجل الاعمال الكبير وصاحب المصانع فلان الفلانى يمتلك حسابات في (دبى) وهذه الاموال تذهب الى هذه الحسابات!
* قلت له، ما هو الحل لكى يحول المغتربون اموالهم عن طريق البنوك مثل الفلبينيين والبنقالة والهنود، قال ان تُعوّم الحكومة الجنيه، قلت له لوعومت الحكومة العملة وأصبح سعر البنك 250 جنيه، سيرفعه الجوكية الى 270 ، لكى ينافسوا سعر البنك ويضمنوا مصالحهم واستمرار عملهم، قال لي (بالضبط دا الحيحصل) !
* العميل المذكور تم سحب رقم واتسابه بواسطة الامارات التي يُحول منها، فقام بنشر فيديو يعلن فيه تغيير الرقم برقم سوداني، متبجحاً بانه لن يستطيع احد في السودان ان يسحبه منه لان السودان ليس له وجيع، كما ان معظم الذين يعملون في المناصب القيادية بشركات الاتصالات في السودان (ناسهم)، ومعظم تجار العملة (ناسهم) وهو يقصد انهم يتبعون للنظام البائد، وهنالك من انتمى للثورة ويعمل في مناصب حساسة وكبيرة، ولن يسحب منه احد الرقم السوداني، ولن يستطيع أحد ان يمنعه من بيع وشراء العملة، بل انه يُحظى بكل التسهيلات المطلوبة من نافذين في السلطة الانتقالية .. قالها بكل ثقة وبجاحة وازدراء. (انتهى).
* ما هو الحل إذن ؟ الحل في رأيي هو تحفيز المغتربين بحوافز مغرية وإعطائهم تسهيلات للتحويل عبر البنوك وكلما زادت التحويلات زادت الحوافز أو ما يعرف باسم الحوافز (التصاعدية) .. يعنى الذى يُحوّل في عام مبلغ (عشرة الف ريال) يمنح (مثلا) إعفاءً جمركياً لعربة واحدة، ومن يحول عشرين الف يمنح اعفاءً لعربتين وهكذا، بالإضافة انشاء شركة قابضة للاستيراد والتصدير وإغراء المغتربين للمساهمة فيها والاستثمار في مشروعاتها بأرباح مغرية وغيرها، على ان تفرض الحكومة رقابة صارمة وعقوبات مغلظة على التجارة غير المشروعة للعملة الى ان يتيسر الحال للسماح بالتجارة الحرة للعملة !
* فضلا عن ذلك، القيام بحملة اعلامية وطنية كبرى لحث الناس على التبرع لإنشاء المشروعات القومية الكبرى مثل المستشفيات والاعمال الخيرية كما يحدث في كل دول العالم، وقد لا يعرف الكثيرون ان معظم المستشفيات الحكومية في كل الدول الاوربية تقوم على الدعم الأهلي، ولدينا في السودان مثال ناصع لذلك وهى مستشفى ام درمان التي تعتمد في كثير من اعمالها على دعم الخيرين !
* هنالك الكثير من الافكار بالتأكيد، ولكننا نحتاج فقط الى دولة ذكية واعلام نشط وإيجابي وحاضر في كل الاوقات وصاحب مبادرات في خلق المناسبات والمشروعات .. وليس اعلاما مسجونا في الأغاني والرقص والكلام غير المفيد، ومن المؤسف أن يكون اعلام الثورة هو اضعف حلقاتها بلا ابداع ولا رؤية ولا وجود ، بينما يمكنه أن يفعل الكثير!