العنصرية في فتيل!..

0 76

بقلم : لبني احمد حسين

وقفت شعرات جلدي و أقْشعر بدني و انا اقرأ سباباً و اهاناتٍ عنصرية قمة في الإنحطاط و بسفور دون استعانة بكناية او لمز، كل ذلك علي صحيفة مطبوعة و تستهدف الاهانات سيدة جليلة مدربة لفريق كرة قدم نسائي و اهانات أخرى علي الوسائط لبعض اعضاء الحكومة بمكونيهما العسكري والمدني.. تستهدف علي وجه التحديد السيد محمد حسن التعايشي و الفريق شمس الدين الكباشي عضوي السيادي اضافة الي نصر الدين عبدالباري وزير العدل.
ان يُهان امرئ علا منصبه و بيده السلطة و القانون نهاراً جهاراً و علي الملأ و دون ان يخاف الفاعل من ملاحقة بوليس أو محاسبة قانون، فذلك ما يدفع بالسؤال: و ماذا ترى يلاقي الضعاف و المستضعفين من ابناء و بنات هذا الوطن المكلوم البعيدين عن الاضواء و السلطة؟ يعف قلمي عن نقل تلك الاساءات التي رفعت صورها كبلاغ للنائب العام على حسابي بالفيسبوك و حرّضت لجان المقاومة الاسفيرية بل كل الشرفاء و الشريفات لمقاومة مثل هذه الاساءات العنصرية البغيضة التي تهدد ثورة كان وقودها الشباب و مهرها الدماء التي سالت لبناء دولة عمادها العدالة و سقفها السلام و جدرانها الحرية.. فكيف تكون هناك عدالة و ابناء الوطن الواحد يستعلى بعضهم على بعض ؟ .. و لا أعمم و لكن تلك الاصوات النشاز أن لم تقمع بالقانون ستتمادى و تستدرج آخرين برد فعل معاكس و تهدد السلام و الامن الوطني باستقطاب النعرات القبلية كلٍ يهبُ لنصرة اهله- حمانا الله -ام لم تشاهدوا ما جرى لمسلمي الهند و هى أكبر ديمقراطية في العالم؟
أذن كيف نواجه مثل هذه السقطات العنصرية الممنهجة او الفردية؟ ابتداءاً ،الاهتمام الرسمي بضحايا العنصرية. اتمنى ان يبادر دولة رئيس الوزراء د. حمدوك أو احد اعضاء / عضوات السيادي بتسجيل زيارة رسمية للسيدة الفاضلة مدربة كرة القدم التي تعرضت لمثل هذه العنصرية و على الصحف المطبوعة حيث تبعث زيارة المسئولين برسالة واضحة مفادها ادانة العنصرية على أعلى المستويات.

ثانياً، كنت سأقول اتخاذ الاجراءات القانونية العاجلة، غير أني وجدت للأسف ان عقوبة من يقول عبارة “يا مزة” و “ايه العسل دا” لفتاة في مصر اشدّ ردعاً من عقوبة كلمة “خادم “و “عب” في السودان. هل تذكرون الوقفات الاحتجاجية التي قادتها ناشطات مصريات ضد التحرش قبل حوالي خمس او ست سنوات؟ جاءت تلك الاحتجاجات باكلها حيث صدرت احكام بالسجن لمدة اكثر من عام و بالغرامة خمسة الف مصري وحينها كانت تعادل حوالي سبعماية دولار .. عشرة او عشرين حكم قضائي رادع تناولتهم الفضائيات فتقلصت معدلات التحرش في مصر بشكل ملحوظ .. ذات الشئ يمكن أن يحدث في السودان أذا نظم الناس وقفات احتجاجية امام مبنى النائب العام ليتخذ اجراءات قانونية ضد الجناة وفق مادة القانون الحالي على علاته. ثم وقفة أخرى امام وزارة العدل لحث الوزارة على تقديم قانون خاص بجرائم الكراهية.. تبني قانون رادع على غرار قانون الكراهية المطبق في بعض الدول الغربية هو السياج الحامي ضد الاستعلاء العرقي و الثقافي و الطبقي. و لينال مثيري الفتنة اشد انواع العقاب و حتي يكونوا عظة و عبرة لغيرهم.. فبدون ايقاع الجزاء الرادع ستتكرر الاهانات التي تهدد القومية السودانية و الوحدة الوطنية من هذة الشاكلة.
ثالثاً، العقوبة حسب القانون الجنائي السوداني لعام 1991 لا تتناسب بمكان مع شناعة الجرم فالعبارات العنصرية ليست اساءة ضد شخص واحد،انما جريمة ضد الامة و ضد الدولة. تنص المادة 160: “من يواجه إساءة أو سباباً لشخص بما لا يبلغ درجة القذف أو إشانة السمعة قاصداً بذلك إهانته ،يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز شهراً أو بالجلد بما لا يجاوز خمساً وعشرين جلدة أو بالغرامة. ” شهر بس؟ و في جرم يمكن ان يعرض سلامنا و وحدتنا الوطنية و قومية بلادنا الرهيفة اصلاً للقدّ، و هذا ما دفعني لاقتراح تبني قانون منفصل اشد ردعاً .. و اري ان مثل هذا القانون أكثر أولوية لانه يساهم في تطمين الحركات التي تفاوض الآن بجوبا، لان احد جذور المشكلة السودانية هو الاستعلاء.
و يأت رابعاً و أولاً اهمية تكوين لجان مقاومة الكترونية تتصدى لتوثيق مثل هذه الانتهاكات و لفضح مقترفيها . مثل هذة الالفاظ المشينة يجب ان لا نسكت عنها، فانما تحرس الثورة من المخربين و المخربات الذين يبثون سموم عنصريتهم للعبث بالسلام الاجتماعي. أقترح وضع #عنصرية .. امام كل منشور او تعليق تفوح منه رائحة عنصرية او استعلاء عرقي او ثقافي او طبقي.
خامساً ، يمكن أن تأت مبادرة او منظمة طوعية على الارض تكون اهدافها الحدّ من انتشار مرض العنصرية و تطلق حملات توعوية لمكافحة العنصرية.
الحرب اولها كلام، و النار من مستصغر الشرر كفانا االله شرها.. و مثل هذه الالفاظ هي المهدد الاول للثورة حيث ان العنصرية هى آخر اسلحة الفلول الصدئة التي سيشهرونها في وجه خير و استقرار هذا البلد بحثاً عن مخرجاً للنجاة و مصنعاً لاعادة تدويرهم متسلقين سلم العرقية هذه المرة بعد أن استنفذ سلم الدين عندهم أغراضه. فتصنيف السودانيين الى شرفاء و فلول ليس في صالح بني كوز، لذلك يجتهدون في صنع تصنيفاً آخر ينجيهم و يعيد تدويرهم. فحين يكون اساس التصنيف عرقي، سيسهل انحشار الفلول من ابناء “مثلث حمدي” مع شرفاء المركز بينما يسهل اندساس النصف الآخر من الفلول مع شرفاء الهامش.. اقول الهامش.. و المركز حتى لا أقول بسفور بلد و بحر او مجموعة عرقية ذات اصول عربية و اخرى غير عربية.

و في مقال قادم سأفصل باذنه تعالى العنصرية التي لا يعاقب عليها قانون انما يبوء صاحبها باثمه يوم يبعثون..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.