العيد وافى فلا بِشر ولا طرب

0 127
كتب: جعفر عباس
دخل علينا العيد الكبير ومعظم أهلنا لا يكادوا يجدون قوت اليوم، وبالتالي صار الحديث عن التضحية بالخرفان نوعا من التخريف عند الكثيرين، ثم جاء الخريف وبدأت السيول تمارس هواية التجريف، وقريبا يجتاز النيل “القيف”، ولا نملك الا ان نصيح يا لطيف.
ويجعل كثيرون من الحكومة الحالية الشماعة التي يعلقون عليها كل قصور وتقصير في كل شيء، ولا شك في انها حكومة تفتقر الى التوازن، ولكن من الظلم وصمها بالفشل لأنها وببساطة ورثت دولة على وشك الانهيار، وخزائن يعلوها الغبار، وإذا كان ثمة فاشل فهي قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) التي تزعم انها الحاضنة السياسية للحكومة، لأن التنظيمات المنضوية تحت لوائها صارت تعمد الى نهش لحم الحكومة لتكبير “كومها” ولهذا نقرأ تصريحات شبه يومية من الشيوعيين والبعثيين والأمويين وغيرهم يتبارون للتبرؤ على بعض استحياء من حكومة شاركوا في تشكيلها وكتابة المواثيق التي تحكم أداءها، أما الفريق حميدتي وهو الرجل الثاني في الحكم فإنه يتكلم عن قضايا الحكم وكأنه مجرد مراقب وراصد للأحداث وليس طرفا فيها، ولا ينسى في كل مرة يمسك فيها بالمايكروفون بتذكيرنا بجمائله علينا من “حُرِّ ماله”!!!!
ولا شك في ان شرائح واسعة من شباب ثورة ديسمبر “قنعوا من خيراً” في الحكومة التي هي نتاج الثورة، لأنها عاجزة عن الوفاء بمعظم ما تعهدت به، وصارت توكل أمر كل مشكلة الى لجنة ومن سوء ظن الانجليز سادة النظام البرلماني المعاصر باللجان فإنهم يقولون:
A camel is horse made by a committee
أي انه تم تكليف لجنة بصنع حصان فكانت النتيجة ناقة، ويقصدون بذلك ان اللجان لا تخرج بالنتائج التي من اجلها تم تشكيلها.
وفي تقديري -وقد أكون على خطأ- فإن كل حديث عن تحسين معاش الناس في المستقبل القريب يكون من باب أحلام زلوط، ذلك الديك ذو الريش المنتوف الذي كان جالسا على حبل مشدود وظل سارحا في أحلام وردية ويتخيل كيف صار جميلا وكيف سيصرع ذلك الديك الآخر المغرور الذي يسعى للتكويش على كل الدجاجات عندما ينقره “طاخ”، فهوى من الحبل وعاد مزعمطا كما كان.
قبل سقوط حكمه بشهور قليلة قال عمر البشير في تصريح متلفز: ما عندنا من الدقيق والبنزين يكفي فقط ليومين، ورصيد بنك السودان من العملات الصعبة 100 الف$، وعندما سقطت حكومته كان ذلك الرصيد قد هبط الى 17,000$ وكانت جميع المرافق قد انهارت او تعرضت للتخريب والتجريف لمصلحة من كانوا يديرونها، وانطلقت الثورة في ديسمبر 2018 وتوقفت عجلة الإنتاج حتى تشكيل الحكومة الحالية في سبتمبر 2019، ثم جاءت جائحة كورونا في مارس من العام الجاري (2020) وتعطلت دواليب العمل العامة والخاصة.
لا أحاول إيجاد الأعذار للحكومة فلا شك عندي في أنها مختلة التوازن ويفتقر أداؤها للشفافية فلا نعرف لها خطة مركزية استراتيجية، وبالتالي لا نستطيع ان نحكم موضوعيا على أداء الوزراء، ومع هذا فإنني أناصرها بوصفها الخيار المُر، وأخشى عليها من كيد بعض قوى قحت وليس العسكر الذين ليس في صالحهم مجرد التفكير في الانقلاب عليها او الكيزان الذين سقطوا أخلاقيا وسياسيا ودينيا وسيعودون الى السلطة فقط اذا عاد ابليس الى الجنة.
من الواضح ان قوى انتهازية شريكة في قحت صارت لا تفكر الا في المغانم والمناصب، وبالتالي فواجب قوى الثورة الحية ممثلة في لجان المقاومة هو ان تنتزع المبادرة من قحت او تعيد تشكيلها بحيث تصبح وعاء ثوريا نظيفا خاليا من الغرض الحزبي ومرشدا للحكومة بكلمة مسموعة ورقيبا على أدائها، أي لابد ان تعود الثورة الى جذورها وان يتصدر المشهد الثوريون الأطهار الذين قلوبهم على البلد وليس على جيوبهم ووجاهتهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.