النوبــــــــــــــــــة والكفـــــــــــــــــــاح الأبــــــــــــــــــدى!
كتب: آدَمْ أجْــــــــــــــرَىْ
.
إن رفعت حجراً تجد تحته عنصرياً، ومن مداسك يخرج مثله، وفى دواوين الدولة، وتصادفك حتى دور عبادة. هناك من يربى نشئه عليها وها هو جيل جديد قد شب على الطوق وبدأ عمله. لم يتعظ أحد من جنوب السودان الذى ذهبت بسبب العنصرية قبل الشريعة، ودارفور التى تعانى الأمرين ولا جبال النوبة وأقاليم أخرى التى لا تتنفس الصعداء أبداً.
خطورة هذه القاذورة الإجتماعية تكمن فى تكمنها فى مفاصل الدولة وإعلانها مفرداتها واضحة فى مكاتبها وعلى ضوئها ترسم سياسات وتتخذ قرارات تستبعد أو تضيق على أفراد، كى تؤسس هندسة إجتماعية تحرم المنبوذين من سلك دروب النجاح، فيضطرون إلى الضغط إلى الإصطفاف فى مهن الهوامش، والإجتماع فى أسفل قاعدة هرم المال والمنزلة الإجتماعية. تكريس وضع كهذا، يحتم على ضحاياه بذل الجهود لأجل تقويم المعادلة كى تصطدم بإرادة أرباب الإمتياز الذين سيحمون مكاسبهم غير المستحقة. عندئذ يتعبد الدرب للكفاح والثورة.
هذا ما ظلت جبال النوبة على فعله ولا ثمة خبر عن نجاحات تحققت، والثورة ستورث طالما أن فى – الحتانة – وغيرها، من لازال يربى إبنه على الإنحطاط.
التلاحم الثورى فى أوج قوته، والبسطاء بطول ولايات الشرق يواجهون حروباً دوافعها الكراهية.
أطباء سودانيون فى الخارج يستكثرون على الإقليم تبرعات جمعوها لمصابى الثورة – هذا شأنهم – لكنهم يعمدون إلى نفى دورها فيها.
فى ولاية أخرى، يتلقى محامىٌ شتائم عنصرية جارحة من إمرأة، بعد أن ذهب إلى العمل فيها متطوعاً خدمة للثورة.
ووزير دولة أخلى مقعده وغادر السودان تاركها فى نتانتها.
ووزير آخر رغم نجاحاته المبهرة، يتم إظهاره فاشلاً لا حول له ولا قوة.
ولاعب كرة شهير تزوج حسناءاً نوبية من الشمال، فاتقدت الأبواق العنصرية وسممت أجواء المناسبة.
وفريق أول، وعضو المجلس السيادى يواجه الموقف ذاته، ويسمع عبارات مباشرة بوقاحة من لم يطرف له جفن تضاف إلى ذخيرة سابقة نالها من نفس فئة السود التى تتضايق من وجود سود آخرين معها فى نفس الدولة.
هذا جزء من محصلة عام واحد، وسنقف عنده، كى نتبين الخطى التى نسير عليها. وشتائم الأمس، الشديدة الإستفزاز لمشاعر للشعب النوبى، لم تصدر من سبعينى خرف، بل من شباب قيل نفاقاً أنهم تخلصوا تركة الآباء.
لا يهمنا أمر عضو المجلس السيادى كثيراً – لأنه فرد واحد، له مؤسسته التى إختارته ممثلاً لها وفقاً لموازناتها – فما يحسب له أو عليه لا يخصنا فى شيئ. لكن إن كان التطاول لا يخطئ رجلاً فى مقامه بسبب إنتمائه لقومية ما، فما مصير آلاف بسطائها المنتشرون فى مدن السودان يا ترى؟
وإن كانت الثورة تجلب الهوان لشعب كرس نضاله الطويل لتحقيق كرامته، فما قيمتها وأين هو النصف الممتلئ من كوبها الذى يرى فارغاً؟.
صراحة نقول، أن المشوار ما زال طويلاً، ويتعين على شباب جبال النوبة ترقب اليوم الذى يعودون فيه إلى الشارع، يتحدثون فيه بلغة المواكب، إستئنافاً لمسيرة ثورتهم المنقوصة، وإلا فإن كفاح آباءهم ضد الترك، المهدية، الإنجليز وضد حثالة المجتمعات السودانية من بعد، سيذهب سدى،. المتبقون سيرحلون وسيتركونهم فى نفس الظلمة التى عملوا فيها، ستدور العجلة، وسيمضى بهم الوقت خلفاً إلى أيام عوض الكريم كوكو، يوسف كوة وفيليب عباس غبوش كى تبدأ نفس المسيرة الحلزونية من جديد.