بتنا نشوي القراح
كتب: طلحة جبريل
***
كل منا في هذه الأيام العصيبة يمكن أن تقترن مصاعبه، بصور ذهنية تختلف من شخص إلى آخر .لا شك أننا جميعاً نشعر بوطأة البقاء خلف الجدران، وهي في بعض الأحيان يمكن أن تنقلنا إلى حواف الكآبة، لذلك ينصح كثيرون بضرورة مراجعة الأطباء والنفسانيين بعد أن تنزاح هذه الغمة، في ظني أن أيامها أضحت معدودات، خاصة مع دخول صيف لن يضيع فيه اللبن هذه المرة .
كنت منذ أيام أبحث عن كتاب مرجعي، احتاجه مصدراً لبعض المعلومات في كتاب أعكف على وضع آخر لمساته، لكن لم أجده في المكتبة الوحيدة التي توجد في الجوار، وللأسف خدمة طلب الكتب لتصل إلى حيث تقطن لا توجد أصلا حتى في الأيام العادية، فما بالك في أيامنا هذه حيث تنعدم حتى خدمة طلب وجبة إفطار رمضاني بعد أضحت أوضاعنا كما يقول القدماء في حالة من بات يشوي القراح.
في أوروبا وأميركا يمكن طلب أي كتاب حديث الصدور أو قديم، يصلك في غضون أيام إلى محل سكناك، كانت هذه الخدمة سنكون أكثر فائدة خلال الحجر الصحي.
في هذا السياق قرأت تقريراً طريفاً في موقع “باباميل” الذي يوجد مقره في مالطا.
يقول التقرير الذي اعتمد على صور وثائقية نادرة : “قبل عقود قليلة فقط ، كان الناس الذين يعيشون في القرى والمناطق النائية ولا توجد لديهم مكتبات يعتمدون على المكتبات المتنقلة، كان هدف هذه المكتبات جعل الكتب متاحة للجميع، وذلك عن طريق “تأجيرها”، وفي هذا السياق عرفت مدينة “وارينغتون” أقدم مكتبة متنقلة في إنجلترا سجلت في عام 1859، وكانت عبارة عن عربة تجرها خيول ، ووزعت حوالي 12000 كتاب ، لقاء مبلغ زهيد (تكلفة الاستعارة) خلال عامها الأول من الخدمة.
انتقلت ظاهرة المكتبات المتنقلة إلى الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين. وأضحت من الخدمات المألوفة في منتصف القرن الماضي ومظهراً من مظاهر الحياة اليومية الأمريكية.ونشر الموقع صورا طريفة ونادرة لهذه المكتبات في عدة دول واستمرت ظاهرة المكتبات المتحركة التي لم تعد عربات تجرها جياد بل شاحنات صغيرة، حتى أواخر السبعينيات.
لا أتوفر على معلومات إذا كانت منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط عرفت هذا النوع من المكتبات ، وإن كنت أرجح أن هذه الخدمة لم تكن موجودة، إذ أن خدمة المنازل لم تتعد، حتى الآن وجبات الأكل، وبعض الأدوات المنزلية، وفي وقت لاحق الهواتف المحمولة .
من الواضح أن ناس المنطقة يأكلون و يلغطون كثيراً، لكن قراءة الكتب كانت وما زالت ترفاً تهتم به شريحة صغيرة جداً، ومرد ذلك لمنظومة تعليمية لا تعنى بالقراءة وحكومات ليست معنية أصلاً بهذا الأمر.
هذا هو حالنا .