تحـــــــرر الهامــــــش من الأمـــــــة ضــــــرورة – (3/3)
كتب: آدَمْ أجْــــــــــــــرَىْ
.
بسبب العزوف عن تطوير قطاع المراعى وإتجاه كيانات – الأمة على رأسها- إلى الإستثمار فى وضعها المتخلف، كى تستمر فى لعب دور الدوريات المتجولة – خاصة خلال فترة حكم الكيزان – ولا شك أن إستقرارها يضر بها.
إتسعت الدائرة حتى بات الرعاة فى قلب كل أزمة، أو من يوقدون الشرارة كما ظل يحدث فى خور الورل، كل ذاك خلال تواقيت المساعى ما بين المصايف والمخارف لأجل الأعلاف التى تبقى على الماشية حية، وتحت ضغوط الحاجة يعبرون الحدود فيدخلون دولة أخرى يواجهون فيها تحديات مختلفة. من سخرية الأقدار فى أرض العجائب، أن الأعلاف تزرع فى أرض السودان وتصدر بالسفن لإطعام ماشية دولة أخرى.
إستقرار القطاع الرعوى يكمن فى تأسيس زراعة موجهة له، نقل الفكرة لا يحتاج إلى أى إجتهاد لأنها موجودة فى ولايات الشمالية، نهر النيل، الخرطوم والجزيرة.
تكلفة أفضل برج يغطى دائرة تزيد عن المائة متر، لا تتجاوز خمسين ألف دولار فى أمريكا، وأربعمائة وثمانين ألف ريال فى السعودية. الكهرباء يمكن توليدها، والآبار يمكن تأسيس الآلاف منها، باقى المعدات متوفرة. الأرض ممتدة – نفس المخارف والمصايف مثلاً – وستتوفر أعلاف بكميات تفوق الحاجة. عندئذ لن تتكرر مشاهدة أبقار عجاف تسقط أو تترصد بها المفترسات. الرعاة سيتذوقون طعم الإستقرار وفوائدها، والدولة ستحقق مكاسب إقتصادية كبيرة.
إنها قضية تحتاج إلى تشكيل رأى عام، وقوة دفع تتقدمها كيانات الرعاة والسياسيون والإجتماعيون. لكنها فكرة قديمة حاضرة فى أروقة السودان الجديد، الذى ظل مشفقاً على حالة منتج حقيقى مضطر إلى التنقل ببيته على ظهر دآبة. متضامنا مع فتيات المراعى اللاتى يظل حلمهن منذ الصبا زواجهن شباباً يؤسسون لهن بيوتاً فى المدينة يخلصهن من متاعب البادية.
هنا يظهر الفرق بين إنتهازية مصلحتها فى الإبقاء على الرعاة مثل ذئاب الأحراش التى لا تعرف مستقراً، وبين مدرسة تقدمية تحلم برفعتهم كى يكونون أثرياء متطورون مثل غيرهم من رعاة الماشية فى العالم.