تقرير المصير:داير أولع كدوسي بين ريرة والصفيه

0 64
كتب: د. عبد الله علي إبراهيم
.
)ولع الناظر ترك كدوسه بين سنكات وهيا كما في هذا المقال القديم منذ عهد نيفاشا ٢٠٠٣)
منذ ان قرأت أن النوبييين مسكاقني طلبوا بإدراجهم في صيغة المناطق المهشمة قلت نفسي: “هذا الموضوع سيزداد شذوذاً ساعة بعد ساعة”. فمطلب نوبة مسكاقني بصيغة التهميش مما ذكرني بحكاية مدمن الخمر والرئيس نميري. قيل للمدمن أن نميري منع تعاطي الخمر.قال السكران: “وهو نحن قاعدين نسكر عشان منو؟” واستغربت للنوبة نسوا في الزحام أن بعض الناس حتي في الشمال النيلي كانوا يحسدونهم علي سطوتهم في التعليم العالي والبنوك وقطاع التأمين وصفوة قيادة الانقاذ (لولا أنهم دناقلة يا رسول الله). ثم حلت ساعة الشذوذ الحق حين طلب السيد عبدالعزيز الحلو منح حق تقرير المصير لكل السودانيين بمن فيهم الجعليين والشايقية (التدوسهم العربية). وهذا تمسيخ لذلك الحق. فالحق في مبدئه لمظلوم يقتص من ظالم. فإذا أصبحنا كلنا ظلمة او مظلومين فسد، وتحول من حل لوضع تراجيدي الي حل لوضع عبثي.
هذا موضع لتقف القيادات السياسية وقفة صادقة مع التاريخ لنتكاشف عن مقصود تقرير المصير: هل هو رد مظلمة لا سبيل لردها إلا بهذه الجراحة القاسية في جسد الأمة، أم أنه تشليع برجوازي صغير لدار الأب التي خربت. لقد قبلنا بأسف شديد أن يمارس الجنوب هذا الحق لتعقد مسألته كما هو معروف. ولم يبدأ الجنوب بتقرير المصير. فقد قبل في 1972 بالحكم الذاتي علي انه كان يطلب الإنفصال. وهو لم يأت للانفصال هذه المرة إلا لأنه لم يبلغ مشروع السودان الجديد الوحدوي. وبرغم تلبد الغيوم ما زال الجنوبيون يعتبرون حق تقرير المصير مثل حق الطلاق الذي يطلبه الماركسيون للمرأة. فقد قال لينين اعطوها الحق ونسأل الله أن لا تمارسه أبداً (أو شيء من هذا القبيل).
أنا من رأي السيد علي عثمان من أن هناك فتنة بالمظالم. فهناك من يريدون النفخ في جمرها الحق لا طلباً لحل بل طلباً لثأر. فهناك من مودرليهو سلطة كما قال السيد الصادق عن قوي الانتفاضة. ولا تعني موافقتي لعلي عثمان تركه بانطباع أن كل ما يحف بحكمه هين أو مفتعل. فالحريق محدق بالبلد. وربما لم يكن الوقت وقت الخوض في تبعة الإنقاذ في كل هذا. لكن إطفاء الحرائق فن قيادي. وقد أضحكتني نادرة عن هذا الفن رواها الاستاذ شوقي بدري. فقد حكى عن الشكري الذي جاء إلى أبو سن، نائب مدير الخرطوم في التركية السابقة، بشكوي لم يثبت له حق فيها. وانصرف الشكري قائلاً: “ابيت بحقي يا ناظر ، بنشوف”. ومضي الشكري و”لعب الفار” بعب أبو سن. فأرسل من يناديه. فلما جاء قال له: “شن كنت داير تسوي يا مسنوح”. قال: “ما هِميه. بس كنت داير أعلب (أولع) كدوسي بين ريره والصفية”. وأجزل أبو سن له العطاء. وخمد حريق ما بين ريره والصفيه إلى الأبد.
الحريق في البلد ما بين الطينة وهموشكوريب. وأزمة الرؤية في الإنقاذ مستفحلة. وقد أغناني الاستاذ وراق قبل أيام عن التفصيل في ذلك. ولا وقت للحكومة الآن لتدارك مأزقها بتفعيل حزبها أو دولتها. وعليه فقد احتاجت ربما أكثر من أي وقت مضي لمعارضتها في الشمال لإنقاذها بطريقة سكة غير اللاعب. ولا أقصد بإنقاذ الإنقاذ ارتجالها خطاباً آخر للمعارضين وقائمة وعود ولو تحققت.ما أقصده حركة سياسية قاصدة وجرئية. فقد استنكرت في سري كيف يظن الرئيس البشير أن رحلاته الماكوكية إلى تشاد بنافعة وهو يمر بسماء الجرح في دارفور ولا يغشاه . هذا من جهة التواضع بحضرة المتاعب. أما من الجهة السياسية فقد آن الأوان لعقد مؤتمر دستوري لشمال السودان مواز لنيفاشا يجيز ما يجري فيها ويفصل في صورة دولة الشمال الجديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.