جهاد الإشاعات، والكذب: آخر المطاف لخدمة الإسلام؟

0 47

كتب: صلاح شعيب

.

أفرغ الإسلام السياسي آخر ما في جعبته ليرينا كيف أن قادته، ومنسوبيه، يريدون إعادة مجد الإسلام بجهاد الكذب، والنفاق، والبهتان، وقذف الناس بالباطل، هذا بخلاف الموبقات الأخرى التي أقلها إباحة التعذيب، والاغتصاب، ما داما يعززان تمكين الأخ المسلم في الأرض لخلق الدولة الإسلامية.

في الحقيقة تنتشر منذ حين شائعات تغمر وسائط التواصل الاجتماعي بشكل محموم يدل على استمرار غياب الفعل الراشد لدى منسوبي الإسلام السياسي. وهذا التخطيط الشرير وحده كفيل بمعرفة قدرة الحركة الإسلامية في قراءة الواقع السوداني، والإقليمي، والدولي، بشكل سليم،. وكذلك يدل على غياب القراءة المتبصرة لتحولات العصر ما يعني أن الحركة الإسلامية تفتقر إلى مفكرين تصحيحين يعيدون مراجعة فكرة الإخوان المسلمين في مظانها، وممارستها. وذلك بعد نحو مرور قرن تقريبا منذ أن نشأ هذا هذا الفكر القاصر في بلادنا، وأفرز تجربة الفشل الكلية في الحفاظ على وحدتها، وأمنها واستقرارها، ورفاهية شعبها.

وللأسف فإن المراقب الحصيف لنتاج كل الجماعات التي انسلت عن الفكرة سيجد أنها تعب بمفهوم الإصلاح، ولا تستبطنه في عميق نظرتها. كل ما في أمر هذه الاتجاهات الإسلاموية الجديدة أنها تملك نسخاً متماهية في الاحتيال الفكري حتى تجد فرصتها في التحشيد ثم السلطة لتبين لنا وحشية الفكرة مرة أخرى. ولذلك لم يتبقى لنثار الحركة الإسلامية سوى توظيف سلاح الاحتيال الفكري الذي يجد في بلادنا في بيئتنا، وكذا تراهن هذه التيارات الاسلاموية على استغلال طيبة المجتمع السوداني، وسماحته، وسذاجة بعض سياسيينا، وضعف وهوان مفكرينا الذين لم يجدوا في مواجهة الإخوان، كما ان المسؤولين عن البلد لم يجدوا في مواجهة الابتزاز الذي يحسنه الإسلاميون.

لقد كشر المنهزمون فكريا، واخلاقيا، بعد رمي المشروع الحضاري في مذبلة التاريخ عن أنيابهم في توظيف سلاح الإشاعة كمدخل لتفتيت الفترة الانتقالية، وضرب المكونات السياسية بعضها بعضا، بذات الطريقة التي استخدموا بها الدولة لرشوة قياداتها، وتمزيقها.

لقد استمرا الاسلاميون منذ بدايات الوضع الجديد في إغراق الانترنت يومياً بالاكاذيب التي تستهدف المرحلة، وأنشأوا مواقع إخبارية وهمية متخصصة في دس الخداع في موادها المخدومة بعناية لخلق رأي عام سالب.

وفي ظل مناخ الفشل السياسي لحكومة حمدوك في أكثر من ملف، وتباعد استراتيجيات القوى التي وقعت على إعلان الحرية والتغيير، تمكنت هذه المواقع في ضرب عصفورين: زيادة الرتق بين المكونات التي شاركت في إسقاطهم، وكذلك تدمير أي إمكانية للاستقرار السياسي الذي يساعد في تصفية تنظيمهم الحكومي الذي لحق الاتحاد الاشتراكي، والهدف الأبعد هو إفشال تحقيق دولة المواطنة التي تحجم أفكارهم الاستبدادية.

لم تسع حكومة حمدوك إلى خلق استراتيجية إعلامية قادرة على نشر الحقائق، وإنجاز الشفافية عبر إحاطة الرأي العام بالمعلومات، وتحجيم إعلام الفلول، وتحويل المؤسسات الإعلامية الرسمية إلى خلية لحماية أهداف الثورة.

بل أبقت بكل أريحية على الإعلام الخاص المملوك للإسلاميين، وذات الكوادر الاسلامية المنتمية للمؤتمر الوطني في الإذاعة، والتلفزيون، وسونا. وأمام هذه التحديات الكثيرة التي جابهت الحكومة تهرب المسؤولون من تنوير الرأي العام. بل إن حكومة حمدوك أصبحت هي الوحيدة في العالم التي ليس لديها الآن أي ناطق رسمي باسمها ليخرج للمواطنين باستمرار لنفي تلك الشائعات قبل إبلاغهم بحقيقة دور الحومة في ما يجري في المشهد السياسي.

بالمناسبة أين وزير الإعلام الذي نصبه لنا الإخوة الشباب في التجمع الاتحادي، والذين قدموا لنا أنفسهم بأنهم شباب جديد يحملون فكرا متقدما عن الطائفية؟، ولا أدري إن كان هؤلاء الشباب قصدوا أن يكون مرشد طائفة الختمية أفضل منهم حين أتى بوزيرين مؤثرين في الفترة الديموقراطية الثالثة، وهما الاستاذين محمد توفيق، والتوم محمد التوم؟!

فوزارة الثقافة والإعلام عجزت عن وضع استراتيجية لمواجهة إعلام الفلول الضال، وإيجاد وسيلة للتعامل مع التحديات الإعلامية الكثيرة، وأولها كيفية تحقيق الشفافية في تنوير المواطنين بشكل أفضل من أن يدس المسؤولون عنها رؤوسهم في الرمال، ويتركوا المواطن نهبا للأخبار الكاذبة. ومع ذلك فلن يجني الاسلاميون من سلاح الاشاعة شيئا إذا عرفنا أن كل اسلحتهم النارية المتعددة، والاقتصادية، والأمنية، والدبلوماسية والإعلامية التي احتكروا بها الدولة فشلت في أن تعينهم في تسليم السلطة إلى السيد المسيح ابن مريم، عليه السلام. وليتهم يتعقلون!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.