حتى يتراجع المتزاحمون.!

0 96
كتب: د. مرتضى الغالي
.
وجّه بعض أعضاء البرلمان التركي انتقادات حادة إلى “فؤاد أقطاي” نائب الرئيس أردوغان بسبب شرائه سيارة فخيمة بعشرات ملايين الليرات من مال الدولة.. وأقطاي وأردوغان معروفان بحب الفخفخة وكلاهما (أخونجية) فرد أقطاي بأن سيارته ليست للرفاهية ولكنه حريص على مظهر تمثيل الدولة..! وهذا هو عين ما كان يقوله قادة الإنقاذ الذين أقسموا أنهم لن يبارحوا مساكنهم في العشوائيات فانتقلوا في قفزة واحدة إلى (كافوري)..! وهذا السلوك التركي الإخواني هو ذات السلوك الذي اقتدت به جماعة الإنقاذ من بين كل نماذج الدنيا.. وقد أعجبتهم هذه الحجة في التحايل على سرقة موارد الدولة بداية بالمخلوع صاحب النثرية الشهرية التي تبلغ 20 مليون دولار..(أين النائب العام..)؟ في وقت يحتاج فيه المواطن إلى جرعة ماء وكسرة خبز وفصل مدرسة وحقنة بنسلين..! ولكن هذا الكلام ليس موضوع قضيتنا اليوم فقد قرأنا لخبير سوداني حديثاً عجبا يهدي إلى الرُشد الإداري والاقتصادي حول قضية تخصيص الموارد..! ومن حديث هذا الرجل الحصيف نفهم أن الأكثر خبرة من السودانيين هم الأبعد عن مواقع اتخاذ القرار..وأن الأقرب للظهور هم الراكضون خلف الاستوزار من جماعة زعيط ومعيط الثورية..! الرجل يتساءل عن تخصيص موارد البلاد بين المواطنين وبين طبقة المسؤولين وهو تخصيص خاطئ شاع في الفترة الغالبة من عمر السودان منذ الاستقلال و(صورة مقلوبة) تعمّقت في أيام الإنقاذ إلى حدود لا يكاد يصدقها عاقل ولا مجنون..حتى كان مسؤولوها هم الذين يستأثرون وحدهم بموارد البلاد وكلهم من أهل الجهالة الذين ذكرهم ابن الجوزي في كتابه “أخبار الحمقى والمغفلين” من البلهاء والمعتوهين والرقعاء والمأفونين والرويبضات..!
خبيرنا صاحب الرؤية التحليلية في إدارة موارد الدولة على شعبها يرى أنها المعضلة الكبرى والسبب الرئيسي في التردي والنزاعات والحروب.. فهل يتم توجيه غالبية العائد من موارد الدولة من أجل صحة وغذاء وكساء وتعليم وصحة المواطن أم من أجل سيارات المسؤولين ومكاتبهم ومرتباتهم ومخصصاتهم..؟! وهو يقول إن ذلك التخصيص الظالم المنحرف يستوي فيه المسؤولون في المركز وفي الولايات بالغاً ما بلغ التفاوت في الغنى والفقر بين المركز والهوامش والمناطق.. وقد بدأت ملاحظته في أحد أقاليم غرب السودان عند المطالبة بتمويل مشروع زراعي أعلنت حكومة الولاية عدم مقدرتها على تمويله.. ولكن الرجل لاحظ أن حوش وزارة المالية الولائية يحتشد بأعداد من السيارات الفاخرة ما يكفي لتمويل عشرات من مثل هذا المشروع الذي يخدم الأهالي.. بل يقول إن عدد السيارات الخاصة بالمسؤولين في هذه الولاية وحدها قد يكفي لتمويل معظم مشروعات السودان الزراعية والبيطرية..!!
هذا أمر نتواطأ فيه كلنا على الصمت ونحن نرى رؤساء المحليات يسيرون في مواكب من سيارات (البرادو) والحرس والأتباع.. فمنذ أن تسلم السودان الحكم من الخواجات (راكبي الجمال والبغال) أصابتنا هذه العلة الذي استحلاها الإنقاذيون..ولكن يمكن أن نقول إن ثورة ديسمبر بما أنها ثورة مفاهيمية تدعو للعدالة الاجتماعية فقد جاءت لتحارب من بين تشوهات الحياة السودانية (هذه العاهة) الذي جرت عليه إدارة الدولة في مختلف العهود ولكنها للحقيقة والتاريخ بلغت في أيام الإنقاذ درجة سحيقة من الفحش والسفه جعلتهم يشترون اليخوت التي لا تحلم بها قصور (ودنسور وموناكو)؛ وجعلت الوطن في حافة الضياع.. بما يجعل محاربتها الآن من الشؤون العاجلة التي تحتاج إلى جهود جبارة ومضاء أكيد وحزم شديد وعزم مكين وانضباط حازم و(فطام عسير) وإعادة تربية شاقة..ولكنها ممكنة بقوة الشباب ولجان المقاومة والرقابة الصارمة من الحكومة ومن البرلمان المُرتقب الذي يجب أن يذب عنه المخلصون الحشرات الطنّانة والجوارح النهمة التي تتحلق حوله الآن..!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.