نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا تحدثت من خلاله عن صراع حزب العمال البريطاني ودوره في انتخابات المملكة المتحدة الأخيرة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن أعضاء حزب العمال يؤكدون على افتقارهم إلى التركيز الاستراتيجي، ومواجهتهم الارتباك في القيادة، مشيرين إلى أن كوربين يتقدّم نحو الاستسلام بالكامل.
وقد زعم أحد المقربين المحبطين من كوربين أنه بحلول الأسبوع الأخير من الحملة، تخلى كوربين عن النضال وبدأ مستشاروه في البحث عن خليفة يساري لإبقاء الشعلة حية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في غضون دقائق من نشر استطلاع آراء للانتخابات الكارثية من مساء يوم الخميس، بدأت الأطراف في تبادل الاتهامات، حيث وجه العديد من المرشحين المهزومين من حزب العمال أصابع الاتهام نحو كوربين نظرا لافتقاره إلى شعبية في البلاد، وخاصة في صفوف الناخبين من الطبقة العاملة.
وفي الوقت نفسه، سارع حلفاء كوربين إلى إلقاء اللوم على موقف الحزب من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أن خسائر حزب العمال كانت أكبر في المقاعد المائلة إلى الانسحاب.
ولكن لا تشير تجربة “الغارديان” في متابعة حزب العمال طوال الحملة الانتخابية، والتحدث إلى العديد من الشخصيات البارزة، إلى شكوك الناخبين بشأن كوربين ولا عن موقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، اشتكى العديد من حلفاء كوربين في المناصب الرئيسية خلال الانتخابات العامة لسنة 2017 بمرارة من منعهم من إدارة حملة هجومية.
وقد اعتقد البعض منهم أن تبنّي توجّه أكثر عدوانية، من خلال الضغط على المقاعد التي يشغلها حزب المحافظين، كان ليضمن فوزهم في الانتخابات.
اقرأ أيضا : الغارديان: هكذا ساهم البريكسيت بهزيمة حزب العمال
وأوردت الصحيفة أنه بدلاً من اتباع نهج حذر قبل سنتين، أوضحت استراتيجية الحزب منذ بداية هذه الحملة أنهم مصممون على التقدم في مقاطعة حزب المحافظين، حيث أنهم يستهدفون ما يصل إلى 100 مقعد.
ويذكر أن كوربين زار 10 أهداف حددها حزب العمال في الأيام القليلة الأولى من الانتخابات، كإشارة على تصميم حزبه على تحقيق المكاسب.
ولكنّ قدامى المحاربين في الحملة يقولون إنّ هناك نقصا في التّركيز، يتبعه رفض التراجع إلى موقف دفاعيّ أكثر بينما استمرّت بيانات الاستطلاعات والحملة في الإشارة إلى هيمنة أغلبيّة المحافظين.
كما بدا أن الافتقار إلى التركيز يمتد إلى عرض سياسة حزب العمل، والاستراتيجية اللازمة لإبلاغ رسالته إلى جمهور الناخبين الحذرين.
وأفادت الصحيفة بأنه بدلاً من التركيز على خطاب المحافظين المفزع، الذي ركّز على شعار “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”، بدا أن حزب العمال كان يتنقل من قضية إلى أخرى.
كما بدا الشعار الجديد – “حان وقت التغيير الحقيقي” – أكثر غموضا من سابقه. علاوة على ذلك، كان هناك إحباط شديد، حتى في صفوف الموالين لكوربين، إزاء الافتقار إلى التنظيم الذي تركهم عاجزين عن الإجابة على أكثر الأسئلة وضوحا بشأن خطط حزب العمال في الأيام المقبلة، أو حول ماهية رسائله الرئيسية.
وعلى الرغم من أن رسالة حزب العمال ربما كانت مبعثرة، إلا أن الرسل كانوا متسقين للغاية، حيث ظهر أنصار كوربين المائلين إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مثل ريبيكا لونج بيلي وريتشارد بورغون وإيان لافري بشكل متكرر.
أما الباقون أمثال كير ستارمر وإميلي ثورنبيري فبالكاد ظهروا. ومن المحتمل أن يكون ستارمر واحدا من العديد من الشخصيات البارزة التي ستحاول في الوقت الحاضر تولي قيادة الحزب، ومهمة إعادة بناء سمعتها في مجتمعات الطبقة العاملة. ومن بين المتنافسين المحتملين الآخرين، ريبيكا لونج بايلي وأنجيلا راينر وجيس فيليبس وليزا ناندي.
وتجدر الإشارة إلى أن أندرو فيشر، الذي كان إلى جانب كوربين، أرسل بريدا إلكترونيا إلى زملائه مساء يوم الجمعة لإعلامهم بأنه كان آخر يوم له في المكتب، وأخبرهم: “أيًا كانت أوجه القصور التي يحملها الحزب بشكل عام، فإنه ينبغي أن تكونوا فخورين جدًا بعملكم وبمساهماتكم”.
ونوّهت الصحيفة بأن العاملين في مكتب كوربين والمستشارين في حزب العمال في الجبهة قد تلقوا رسالة بريد إلكتروني تفيد بأن القرارات المتعلقة بالموظفين لن تتخذ إلا الأسبوع المقبل، وأنه لن يترك أي أحد قبل نهاية السنة.
وبالنسبة لنطاق الحزب الأوسع، الذي يواجه عواقب الهزيمة التاريخية، فإن المستقبل القريب يبدو غير مؤكد بنفس القدر.